أفاد مراسل قناة العربية، اليوم ، بأن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وكبير مستشاري البيت الأبيض السابق جاريد كوشنر، سيبحثان في إسرائيل غداً تفاصيل المضي في اتفاق غزة والأزمة المتصاعدة المتعلقة بعناصر حركة حماس في مدينة رفح جنوب القطاع.
لقاءات مكثفة في تل أبيب بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق
ويأتي هذا التحرك في وقتٍ تشهد فيه المنطقة توتراً أمنياً متزايداً، إثر اشتباكات محدودة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي كتائب القسام، وسط تحذيرات من انهيار التهدئة القائمة منذ العاشر من أكتوبر الماضي.
من جانبها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها تحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الاشتباكات التي وقعت بين مقاتليها والقوات الإسرائيلية في مدينة رفح، مشددة على أن مقاتليها "يدافعون عن أنفسهم داخل منطقة تخضع لسيطرة الاحتلال".
وأضافت الكتائب في بيان مقتضب أن الاحتلال يجب أن يدرك أنه "لا يوجد في قاموس المقاومة مبدأ الاستسلام"، مؤكدة أنها تضع الوسطاء أمام مسؤولياتهم لضمان استمرار وقف إطلاق النار وعدم السماح للاحتلال بخرقه "بذرائع واهية".
وفي ذات السياق، أوضحت القسام أن عملية استخراج الجثث خلال المرحلة الماضية تمت في ظروف معقدة للغاية، مؤكدة التزامها الكامل بما نص عليه الاتفاق، لكنها شددت على أن استكمال العملية يتطلب معدات وطواقم فنية إضافية.
اقتراح مصري جديد لحل أزمة المقاتلين
وبحسب مصادر مطلعة على جهود الوساطة نقلتها وكالة رويترز، فإن الوسطاء المصريين اقترحوا على المقاتلين في رفح تسليم أسلحتهم إلى مصر، مقابل السماح لهم بالخروج الآمن إلى مناطق أخرى داخل القطاع، مع تقديم تفاصيل دقيقة حول شبكة الأنفاق ليتم تدميرها لاحقاً.
وأوضح أحد المصدرين، وهو مسؤول أمني مصري، أن الهدف من هذا المقترح هو حلّ الأزمة بشكل سلمي وتجنب تصعيد جديد يهدد بانهيار الهدنة.
جدير بالذكر أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف اعتبر هذا الاقتراح بمثابة "اختبار حقيقي" لمرحلة نزع سلاح حماس، مؤكداً أن نجاحه سيمهد الطريق لمرحلة أوسع من تثبيت الاستقرار في القطاع وإعادة الإعمار تحت إشراف دولي.
خروقات تهدد وقف إطلاق النار
ورغم الهدنة المعلنة منذ أكتوبر، شهدت منطقة رفح خلال الأيام الماضية هجومين على الأقل استهدفا قوات الاحتلال، اتهمت إسرائيل حركة حماس بالمسؤولية عنهما، وهو ما نفته الحركة بشدة.
وقد أدى الهجوم الأخير إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، أعقبته غارات إسرائيلية مكثفة أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين، في أسوأ موجة عنف منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بوساطة أميركية.
وفي ذات الإطار، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن إسرائيل سلمت رفات 300 فلسطيني إلى القطاع خلال الأيام الأخيرة، فيما أعلنت القسام عن نيتها تسليم رفات الضابط الإسرائيلي هدار غولدن الذي قتل عام 2014، اليوم الأحد في تمام الساعة الثانية ظهراً.
ملف الأسرى ورفات القتلى بين الشد والجذب
منذ بدء الهدنة، سلمت حركة حماس رفات 23 أسيراً من أصل 28، مؤكدة أن الدمار الواسع في القطاع يعيق عمليات البحث عن البقية.
في المقابل، تتهم إسرائيل حماس بالمماطلة المتعمدة في تنفيذ بنود الاتفاق، في حين تؤكد الحركة أنها ملتزمة "بكل ما تم التوافق عليه عبر الوسطاء"، لكنها تحذر من محاولات إسرائيلية للالتفاف على التفاهمات.
تحليل سياسي: رفح نقطة اختبار حقيقية للمفاوضات
يرى المحلل السياسي دكتور سامي ناصر أن ما يجري في رفح اليوم يمثل نقطة اختبار دقيقة لمسار التهدئة والاتفاق الأميركي–المصري، موضحاً أن "كل طرف يسعى لفرض شروطه الميدانية قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة".
ويضيف أن التحركات الأميركية الأخيرة بقيادة ويتكوف وكوشنر تعكس قلق واشنطن من انهيار التفاهمات، خصوصاً في ظل تصاعد الضغط الداخلي في إسرائيل واحتدام الخلاف داخل الحكومة حول مستقبل العملية في رفح.
وأشار ناصر إلى أن نجاح مهمة الوفد الأميركي "سيحدد مستقبل العملية السياسية برمتها"، لافتاً إلى أن الميدان بات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، خاصة مع استمرار التوتر ورفض المقاومة لأي صيغة تُفهم على أنها استسلام أو تنازل سياسي.
إن الأزمة الراهنة في رفح لا تتعلق فقط بالأنفاق أو المقاتلين، بل هي صراع على صياغة مرحلة ما بعد الحرب، بين مساعٍ إسرائيلية لفرض واقع جديد، وضغوط عربية ودولية لتثبيت وقف إطلاق النار وإنقاذ ما تبقى من غزة.
وفي ضوء التحركات الأميركية المتواصلة، تتجه الأنظار غداً إلى تل أبيب، حيث يأمل الوسطاء أن تثمر لقاءات ويتكوف وكوشنر عن صيغة تحفظ الهدنة وتفتح الباب أمام حل شامل ومستدام للأزمة .















0 تعليق