تتوهج المدن الكبرى كمنارات خادعة علي الخرائط، واعدة بالفرصة والعيش الرغد والبدايات الجديدة، يشد اليها المهاجرون الرحال، كل يحمل في حقيبته مدخرات عائلته وفي قلبه ثقل احلام كبيرة مؤمنا ان هذه الجنة ستمحوا سنوات الكفاح لكن ما يكتشفونه علي اسقلت هذه المدن هو حقيقة قاسية بان المدينة التي وعدت بالاحتضان هي ذاتها من تمارس الغدر بهدوء.
وهذا ما تطرق له المخرج لويد تشوي الكندي من اصل كوري في فيلمه الحائز علي جوائز النجمة الفضية من مهرجان الجونة اهذا العام 2025 بالاضافة الي ترشيحه لجوائز عديدة مثل جائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان كان السينمائي وجائزة الحصان الذهبي التايواني.
تدور احداث فيلم lucky Lu في شوارع مدينة نيويورك المبللة بالمطر حيث يضعنا بشكل مباشر قي مواجة مع (لو) /تشانج تشن الذي يعمل سائق دراجة توصيل الطلبات، يتدخر كل سنت بصعوبة بالغة لاحضار زوجته (سي يو)/فالا تشن وابنته( يايا)/ كارابيل ماناوي من الصين للعيش معه في الولايات المتحدة، يبدأ الفيلم بمشهد يوضح حماس (لو) وهو يجري مكالمة فيديو مع عائلته في شقته متناهية الصغر التي استأجرها للتو واعدا ابنته بسمكةبدلا من الكلب الذي كانت تتوقعه كأليف لها فعند الانتقال الي امريكا.
يتحطم هذا الامل الهش والمخطط له عندما يكتشف (لو) ان صديقة قد هرب بالمبلغ المخصص لايجار الشقة وبعد لحظات تختفي دراجته الكهربائية التي تمثل مصدر رزقه الوحيد، وخلال ثمان واربعين ساعة متوترة يجب عليه ان جد طريقة لتعويض الدراجة والايجار قبل وصول عائلته الصغيرة.
يتجنب المحرج لويد تشوي الافراط في الدراما الاستعراضية وبدلا من ذلك يتتبع التفكك التدريجي للبطل عبر الممرات والارصفة الضيقة ولحظات الضوء الخاطفة مما يبرز حالة اليأس والضياع التي يمر بها اذ يشعر ان المدينة تحمي وتعادي في ان واحد بقاء لو يعتمد علي السرعة والذكاء والمثابرة المطلقة ومن خلال الحفاظ علي اللقطات ضيقة وقريبة يجهزنا الفيلم لاستكشاف حميمي وشخصي للغاية للتضحية تحت الضغط او اعتبرها ملحمة من الضغط والالم ففي البداية يتحول احساس لو المفعم بالامل بالشقة الجديدة الي ذعر عندما يختفي بو هاو ومعه اموال الايجار ويتبقي له اربع وعشرون ساعة لاسترداد مبلغ من خمسة ارقام قبل ان تصل عائلته التي لا تعلم شيئا عن نكبته.
فيجد لو نفسه عالقا يرهن ممتلكاته ويقترض مبالغ صغيرة بل يقوم بسرقة المتاجر وبالكاد يغطي جزء بسيط مما هو مطلوب منه سداده.
عندما تصل عائلته يزداد عزم لو وقوته، يخفي خوفه خلف عينين  ثابتتين بينما تسجل نظرة ابنته (يايا ) الواسعة ما يفوق ادراك (لو) عن مدي ملاحظتها لما يعانيه والدها فتكشف المشاهد الرئيسية عن طبقات تحت مظهره الهادى حيث يتصدع صمته الصارم في لحظة مسروقة مع ابنته التي تصر علي مشاركة اعبائه وتسترجع ذاكرة في التعليق الصوتي من العمة (يانج) عن احلام (لو) المبكرة في امتلاك مطعم واصبح الحلم نوعا من الخجل بعد خسارة المطعم. مما يلقي بظلال اعمق علي بؤس اليوم.
تتحول لقاءات (لو ) مع زملائه المهاجرين- الذي يواجه كل منهم نكساته الخاصة- الي جزن مشترك كبديل للانتقام من المدينة الغادرة


            




0 تعليق