في تصريح يعكس تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، أن بلاده «لن تدفن رأسها في الرمال» أمام ما وصفه بـ«محاولات حزب الله، بدعم من إيران، لإعادة بناء ترسانته العسكرية وتعزيز قدراته الدفاعية والهجومية».
وقال ساعر في منشور عبر منصة "إكس": إن استمرار حزب الله في إعادة تسليح نفسه «يشكل خطراً على أمن إسرائيل ومستقبل لبنان معاً»، مشيراً إلى أن تل أبيب «لن تلتزم الصمت أمام هذا الاتجاه».
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية «ماضية في عزمها توسيع دائرة التطبيع والسلام في الشرق الأوسط»، في إشارة إلى ارتباط الأمن الإقليمي بمسار التطبيع.
قلق أميركي ونقاش أمني في تل أبيب
هيئة البث الإسرائيلية كشفت أن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد أهداف تابعة لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية، وسط مؤشرات على توسيع نطاق الهجمات في الأسابيع المقبلة.
ووفق التقارير، عبّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من احتمال أن تؤدي هذه الضربات إلى رد فعل لبناني واسع، قد يجر المنطقة إلى مواجهة جديدة.
في الوقت ذاته، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعاً أمنياً مصغراً مساء الخميس لبحث التطورات في لبنان، بعد تقارير استخباراتية تشير إلى أن الحزب «ينجح تدريجياً في استعادة قدراته العسكرية التي تضررت خلال المواجهات السابقة».
خلفية التوتر: سباق إعادة التسليح
تأتي هذه التصريحات بعد أشهر من تقارير استخباراتية غربية وإسرائيلية تتحدث عن قيام حزب الله، بدعم مالي ولوجستي من إيران، بعمليات إعادة تأهيل لمنشآته العسكرية في الجنوب اللبناني والبقاع.
وتشمل تلك العمليات تطوير ورش تصنيع محلية للذخائر، وتوسيع شبكة الأنفاق، وتعزيز قدرات الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة.
من جانبها، تعتبر إسرائيل أن هذه الخطوات خرقٌ واضح لقرار مجلس الأمن 1701، الذي يحظر وجود أي جماعات مسلحة جنوب نهر الليطاني غير الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل".
 
تل أبيب بين الردع والتصعيد
 تؤكد مصادر سياسية في تل أبيب أن الحكومة الإسرائيلية تحاول الموازنة بين الحاجة إلى الردع العسكري ومنع انزلاق الموقف إلى حرب شاملة.
فإسرائيل تواجه ضغوطاً داخلية جراء الوضع في غزة وتوترات في الضفة الغربية، ما يجعلها حذرة من فتح جبهة ثانية في الشمال.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن التحذير الذي أطلقه ساعر لا يخلو من رسالة ردع موجّهة إلى إيران أيضاً، مفادها أن إسرائيل «لن تتسامح مع قيام جبهة شمالية جديدة» قد تهدد أمنها الداخلي.
 
موقف لبنان وإيران
 في المقابل، تلتزم الحكومة اللبنانية الصمت النسبي تجاه الاتهامات الإسرائيلية، بينما تعتبرها مصادر مقربة من "حزب الله" ذريعة لتبرير استمرار الغارات.
أما طهران، فتواصل التأكيد على أن دعمها للمقاومة في لبنان «دعم سياسي ومعنوي»، وتنفي أي تورط مباشر في تسليح الحزب.
 
المشهد المقبل
 تشير التحليلات السياسية إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة من التوتر المحسوب، حيث تسعى إسرائيل إلى تكثيف ضرباتها الوقائية دون الوصول إلى مواجهة مفتوحة، فيما يواصل حزب الله إعادة بناء قدراته تدريجياً.
لكن وفق مصادر أمنية غربية، فإن أي خطأ في الحسابات من الجانبين قد يعيد إشعال جبهة لبنان بالكامل، في وقت لا يحتمل فيه الشرق الأوسط حرباً جديدة.
تحذير ساعر ليس مجرد تصريح سياسي، بل رسالة استراتيجية مفادها أن إسرائيل ترى في تحركات حزب الله تهديداً وجودياً، وتستعد للردع الميداني والدبلوماسي معاً.
وبينما يلوح شبح الحرب في الأفق، يبقى لبنان ساحة مفتوحة لصراع النفوذ بين تل أبيب وطهران، في معادلة لا تزال قابلة للاشتعال في أي لحظة.










 
            






 
                
            
0 تعليق