توفيق حبيب مليكة.. دافع عن القضايا القبطية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ذكرى وفاة الكاتب والصحفي الكبير توفيق حبيب مليكة، أحد أبرز رواد الصحافة المصرية في بدايات القرن العشرين، والرجل الذي جمع بين شغف الكلمة وغيرة الوطنية، فكان صوتًا حرًا عبر عن قضايا مجتمعه، وساهم في تشكيل الوعي الوطني والقبطي على السواء.

ولد توفيق حبيب عام 1880 لأسرة مسيحية تقية، وتلقى تعليمه في مدرسة المرسلين ثم مدرسة الأقباط الكبرى، حيث ظهرت مبكرًا موهبته في الكتابة وحبه للصحافة، كان قارئًا نهمًا وصاحب فكر متقد، مما أهله لأن يكون واحدًا من أبرز الصحفيين الذين وضعوا بصمتهم في الصحافة المصرية خلال النصف الأول من القرن العشرين.

بدأ مشواره المهني في جريدة الوطن مع الصحافي الكبير جندي بك إبراهيم، ثم شارك في تحرير عدد من الصحف والمجلات الأسبوعية مثل فرعون، الهلال، المجلة الجديدة، الاستقلال، قبل أن ينضم إلى جريدة الأخبار إلى جانب يوسف الخازن في الفترة من 1907 إلى 1919، وفي عام 1920 بدأ مسيرته في جريدة الأهرام، حيث نشر سلسلة مقالاته الشهيرة بعنوان "على الهامش" التي كان يوقعها باسم مستعار هو "الصحفي العجوز"، لتصبح تلك السلسلة من أبرز الأعمدة الصحفية في تاريخ الجريدة.

تميزت كتابات توفيق حبيب بجرأتها وعمقها الفكري، إذ تناولت موضوعات اجتماعية وسياسية ودينية بروح إصلاحية، وكان من أوائل من دافعوا عن فكرة الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، مؤكدًا أن الأقباط جزء أصيل من نسيج الوطن، وأنهم لا يتأخرون عن التضحية في سبيل رقي مصر ونهضتها.

لم يكن حبيس القلم فقط، بل كان رحالة محبًا للمعرفة، زار سويسرا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، يوغسلافيا، سوريا، لبنان، وإسطنبول، ونقل في مقالاته مشاهداته وانطباعاته عن الحضارات الأوروبية والعربية، مما أضفى على كتاباته بعدًا ثقافيًا عالميًا نادرًا في زمنه.

أثرى توفيق حبيب المكتبة العربية بعدد من المؤلفات المهمة، منها:

"جهاد شاب وطني"

 

"قرياقص ميخائيل"

 

"ألحان الكنيسة القبطية"

 

"الفجالة قديمًا وحديثًا" الذي تناول تاريخ حي الفجالة بالقاهرة

 

"هوامش الصحافي العجوز"

 

"تذكار المؤتمر القبطي"

وكان حبيب من أوائل من نادوا بضرورة إصلاح المجلس الملي العام، وكتب في ذلك مقالات حادة بجريدة "الجوائب المصرية" أثارت جدلًا واسعًا وغضب بعض رجال الإكليروس آنذاك، لكنه ظل ثابتًا على مواقفه، مؤمنًا بحرية الفكر وحق الإصلاح داخل المؤسسات الدينية والمدنية على حد سواء.

وفي إحدى محاضراته الشهيرة بحديقة الأزبكية، دعا الشباب من المسلمين والمسيحيين إلى نبذ التعصب والعمل المشترك من أجل مستقبل مصر، مؤكدًا أن الوطن لا ينهض إلا بتكاتف أبنائه جميعًا.

ظل توفيق حبيب يكتب حتى أيامه الأخيرة، قبل أن يرحل في أكتوبر عام 1941 عن عمر ناهز 61 عامًا، تاركًا إرثًا فكريًا وصحفيًا خالدًا، ومثالًا نادرًا للصحافي المثقف الذي جمع بين الإيمان بالقضية والالتزام برسالة الكلمة.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق