مصر تمسك خيوط الوساطة على مسرح مشتعل!

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظلّ مشهدٍ سياسيٍّ إقليميٍّ ودوليٍّ معقّد، تتشابك فيه المصالح وتتصاعد فيه التوترات، تكثّف القاهرة تحركاتها الدبلوماسية والأمنية على مختلف المستويات، سعيًا إلى كبح دوّامة التصعيد في قطاع غزة، والحفاظ على ما تبقّى من خيوط التهدئة الهشّة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. وتأتي هذه الجهود في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الإقليمية والتحديات الإنسانية، ما يجعل الدور المصري محوريًّا في منع انزلاق الأوضاع نحو مواجهةٍ أوسع قد تهدّد استقرار المنطقة بأكملها.

جاءت زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن محمود رشاد، إلى إسرائيل لتشكّل محطةً محورية في سياق الجهود المصرية الرامية إلى احتواء التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهةٍ عسكريةٍ شاملة.

فالزيارة، التي لم تكن مجرّد تحركٍ دبلوماسيٍّ روتيني، حملت رسالةً واضحة مفادها أن مصر ما زالت تمسك بخيوط الوساطة وتتحمّل مسؤوليتها التاريخية في حفظ التوازن الإقليمي، وضمان استمرار جهود التهدئة دعمًا للقضية الفلسطينية وسعيًا لتحقيق سلامٍ عادلٍ وشاملٍ في المنطقة.

وخلال الزيارة، التقى اللواء رشاد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعددٍ من كبار المسؤولين الأمنيين، من بينهم رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الجديد ديفيد زيني، في أول لقاءٍ رسمي له مع مسؤول أجنبي منذ تولّيه المنصب.

ووفقًا لبيانٍ صادر عن مكتب نتنياهو، تناولت المباحثات “سبل المضي قدمًا في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية–المصرية، وبحث قضايا إقليمية ذات اهتمامٍ مشترك”. كما أكدت مصادر إعلامية إسرائيلية، من بينها هيئة البث الرسمية، أن القاهرة أصبحت الفاعل الرئيسي في ضبط إيقاع التهدئة داخل غزة، ولعبت دورًا حاسمًا في ملف إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حركة حماس.

تأتي هذه التحركات في توقيتٍ بالغ الحساسية، إذ يتزامن التصعيد الإسرائيلي في غزة مع زيارات أمريكية رفيعة المستوى، من بينها زيارة نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس، إلى جانب مبعوثَي الرئيس ترامب السابقَين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف إلى إسرائيل، في مؤشرٍ على تزايد الاهتمام الدولي بإعادة ترتيب المشهد الإقليمي في ضوء التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة.

تقوم التحركات المصرية على استراتيجيةٍ مزدوجة تستند إلى مبدأ “الاحتواء لا المواجهة”. فمن جهة، تسعى القاهرة إلى منع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار خشيةً من تداعياتٍ إنسانيةٍ وأمنيةٍ محتملة، ومن جهةٍ أخرى تعمل على ترسيخ مكانتها كوسيطٍ موثوقٍ لدى الأطراف الدولية والإقليمية، ولا سيما في ظل غياب بدائل حقيقية قادرة على الاضطلاع بهذا الدور.

تُدرك مصر أن استمرار التهدئة في غزة ليس خيارًا فلسطينيًا–إسرائيليًا فحسب، بل مسألة أمنٍ قوميٍّ مصريٍّ بامتياز، إذ إن أيّ انفجارٍ ميدانيٍّ جديد من شأنه أن يُضاعف تعقيدات المشهد الحدودي في سيناء ويُعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر من جديد.

وربما تتعدد العناوين الممكنة للمشهد المصري في التعامل مع أزمة غزة، لكن جميعها تصب في اتجاهٍ واحد يؤكد أن القاهرة تتحرك بثقلها السياسي والأمني للحفاظ على خيوط التهدئة ومنع الانفجار.

فبين عنوانٍ مثل «تحرّكات مصرية مكثّفة لإنقاذ اتفاق غزة ومنع انهيار التهدئة» الذي يعكس طبيعة الجهود المتواصلة في لحظة حرجة، وآخر كـ «القاهرة على خط النار: دبلوماسية مصرية لاحتواء التصعيد في غزة وحماية التهدئة» الذي يعبّر عن الدور الوسيط الدقيق بين النار والدبلوماسية، يتجسد جوهر الموقف المصري في إدارة الأزمة.

كما يبرز عنوان «مصر تتحرك لوقف الانفجار في غزة: وساطة مكثفة لحماية التهدئة الهشّة» ليجسّد البعد الميداني والإنساني للمساعي المصرية، بينما يقدّم «الدبلوماسية المصرية بين نار التصعيد وهشاشة التهدئة: دور القاهرة في معادلة غزة» قراءةً تحليلية أعمق لدور مصر كضامنٍ وحيدٍ لتوازنٍ إقليمي دقيق.

في النهاية، ومهما اختلفت العناوين، تبقى الحقيقة واحدة: القاهرة تقف في قلب العاصفة، مدفوعةً بإدراكٍ استراتيجي بأن استقرار غزة ليس مجرد قضية حدود، بل قضية أمن قومي ومسؤولية تاريخية.

تؤكد التطورات الأخيرة أن القاهرة تواصل الإمساك بخيوط الوساطة بدقةٍ وحذر، مستفيدةً من خبرتها التاريخية في إدارة الصراعات الفلسطينية–الإسرائيلية. ورغم تعدد اللاعبين على الساحة، تبقى مصر بحكم موقعها الجغرافي وثقلها السياسي الضامن الحقيقي لأي مسارٍ نحو السلام والاستقرار في غزة والمنطقة بأسرها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق