رغم مرور 5 دورات متتالية من جائزة الدولة للمبدع الصغير (2021 – 2022 – 2023 – 2024 – 2025)، التي تُقام تحت رعاية السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، وتنظمها وزارة الثقافة ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة، يظلّ السؤال مطروحًا: لماذا لم يحقق أطفال محافظة السويس أي فوز في هذه الجائزة حتى الآن؟.
الجائزة، التي تُعد من أبرز المبادرات الوطنية لاكتشاف ودعم الموهوبين من الأطفال والنشء في الفئة العمرية من 5 إلى 18 عامًا، تُمنح في ثلاثة مجالات رئيسية: الأدب ويشمل فروع القصة والشعر والتأليف المسرحي، الفنون وتشمل الرسم والعزف والغناء، الإبداع والابتكار ويتضمن التطبيقات والمواقع الإلكترونية والابتكارات العلمية.
نتائج 5 دورات.. وغياب واضح للسويس
خلال الدورات الخمس الماضية، بلغ عدد الفائزين بالجائزة 117 مبدعًا صغيرًا من 22 محافظة من إجمالي 27 محافظة مصرية.
وفي المقابل، غاب الفوز عن محافظة “ السويس”، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب هذا الغياب اللافت، خصوصًا بالنسبة لمحافظة تمتلك تاريخًا ثقافيًا وفنيًا عريقًا.
وفي دورة عام 2025، بلغ عدد المتقدمين 6570 مشاركًا، بينهم 4262 من الإناث و2308 من الذكور، يمثلون مختلف محافظات الجمهورية، إضافةً إلى مشاركات من 9 دول عربية وأجنبية من بينها السعودية، الكويت، كندا، والولايات المتحدة الأمريكية.
وتصدرت محافظة أسيوط قائمة المتقدمين بإجمالي 1116 مشاركًا، تلتها القاهرة بـ779، ثم الإسكندرية بـ487، في مؤشر واضح على انتشار أثر جائزة الدولة للمبدع الصغير ونجاحها في الوصول إلى فئات واسعة من الأطفال في الحضر والريف على حد سواء.
غياب لا يفسره التحيز
حول أسباب غياب فوز أبناء السويس، أوضح المهندس زياد عبد التواب، عضو اللجنة العليا لجائزة الدولة للمبدع الصغير، في تصريحات خاصة لـ" الدستور"، أنه لا يوجد أي نوع من التحيز أو التفضيل الجغرافي في عمليات التقييم أو اختيار الفائزين.
وقال عبد التواب: "لجان التحكيم تعمل وفق معايير موضوعية دقيقة، ولا علاقة للمحافظة أو الانتماء الجغرافي بنتائج الجائزة. وربما يكون السبب في غياب بعض المحافظات عن قوائم الفائزين هو قلة عدد المتقدمين منها، فكل دورة تشهد تفاوتًا في مستوى المشاركة بين المحافظات.”
وأشار إلى أن بعض المدارس في محافظات معينة تهتم أكثر بالترويج للجائزة وتشجيع طلابها على التقديم، وهو ما ينعكس في عدد المشاركات والفائزين من تلك المناطق.
الأقصر نموذجًا للفوز
وأضاف عبد التواب أن غياب السويس لا يعني بالضرورة غياب المتقدمين منها، مشيرًا إلى أن محافظة الأقصر على سبيل المثال فازت هذا العام في فرع الابتكارات العلمية، حيث حصلت الطفلة مريم من الفئة الأولى على الجائزة عن مشروعها بعنوان "المدينة الذكية".
كما لفت إلى أن شمال سيناء فازت مرة في إحدى الدورات السابقة، مؤكدًا أن “عدد المحافظات التي فاز منها متسابقون حتى الآن هو 17 محافظة، أي أن 10 محافظات لم تحقق الفوز بعد، لكن هذا لا يعني غياب المشاركة، فالمنافسة تختلف من عام لآخر بحسب مستوى الأعمال المقدمة”.
الترويج والتوعية.. الحلقة المفقودة
وأوضح عبد التواب، أن الإعلان عن الجائزة يتم سنويًا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك عبر الموقع الرسمي للجائزة وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يتيح الفرصة للجميع على قدم المساواة، لكنه شدد على أن “المتابعة المحلية في المدارس ومديريات الثقافة تلعب دورًا حاسمًا في رفع وعي الأطفال وأولياء الأمور بأهمية المشاركة”.
رغم أن جائزة الدولة للمبدع الصغير حققت انتشارًا واسعًا واحتفت بمواهب من مختلف أنحاء مصر، فإن غياب السويس عن قوائم الفائزين يستحق دراسة أعمق، ليس من زاوية التحيز أو الجغرافيا، بل من منظور ضعف الترويج والتواصل الثقافي المحلي.
فربما يحتاج أطفال السويس فقط إلى مزيد من الدعم الإعلامي والتربوي ليجدوا طريقهم إلى منصة التتويج، حاملين إبداعهم إلى حيث يجب أن يكون: في قلب المشهد الثقافي المصري.
0 تعليق