في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1881 ولد العالم الأمريكي كلنتون جوزيف دافيسون في مدينة بلومينغتون بولاية إلينوي الأمريكية، ليصبح أحد أبرز الفيزيائيين في القرن العشرين، وأحد من غيروا نظرتنا إلى المادة والطاقة إلى الأبد، كان ميلاده بداية لمسيرة علمية مدهشة انتهت بحصوله على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1937 عن اكتشافه الطبيعة الموجية للإلكترونات، ذلك الكشف الذي أسس لثورة ميكانيكا الكم الحديثة.
البدايات والنشأة العلمية
نشأ دافيسون في أسرة متوسطة اهتمت بالتعليم، وأظهر منذ صغره شغفًا كبيرًا بالعلوم الدقيقة والرياضيات، التحق بجامعة شيكاغو، وتخرج منها بتفوق عام 1908، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة برينستون عام 1911. وقد تأثر خلال دراسته بأعمال العلماء الكبار مثل جيمس كلارك ماكسويل وأرنولد سومرفيلد، ما وجه اهتمامه إلى فيزياء الإلكترون والموجات الكهرومغناطيسية.
بعد تخرجه، عمل في مختبرات شركة "بيل" للاتصالات، التي كانت آنذاك مركزًا للتجارب والابتكارات في مجال الإلكترونيات والاتصالات اللاسلكية، وهناك بدأ دافيسون رحلته الطويلة مع الإلكترونات، التي ستقوده لاحقًا إلى واحدة من أهم التجارب في تاريخ الفيزياء الحديثة.
التجربة التي غيرت العالم
في منتصف عشرينيات القرن العشرين، بدأ دافيسون بالتعاون مع زميله ليستر جيرمر سلسلة من التجارب لدراسة انعكاس الإلكترونات على بلورات النيكل، كان الهدف في البداية فحص خصائص الانعكاس الإلكتروني لتحسين أداء الصمامات الإلكترونية، لكن ما حدث فاق كل التوقعات.
حين وجه دافيسون وجيرمر شعاعًا من الإلكترونات نحو سطح البلورة، لاحظا أن الإلكترونات لا ترتد عشوائيًا كما كان متوقعًا من الجسيمات الصلبة، بل شكلت نمط تداخل موجي يشبه ما تفعله الأشعة السينية هذا السلوك كان الدليل الحاسم على أن الإلكترونات ليست مجرد جسيمات مادية، بل تمتلك أيضًا خواصًا موجية، تمامًا كما تنبأ الفيزيائي الفرنسي لويس دي برولي قبل سنوات قليلة.
كانت هذه النتيجة بمثابة التجسيد العملي لفكرة ازدواجية الموجة والجسيم، أحد أعمدة ميكانيكا الكم التي غيرت فهم الإنسان للعالم الذري.
نوبل الفيزياء واعتراف العالم
عام 1937، تقاسم كلنتون دافيسون جائزة نوبل في الفيزياء مع الفيزيائي البريطاني جورج باجيت طومسون، الذي أجرى تجارب مماثلة على حيود الإلكترونات عبر صفائح معدنية رقيقة وتوصل إلى النتائج ذاتها، كان ذلك تتويجًا رسميًا لاكتشاف فتح الباب أمام تطوير الإلكترونيات الدقيقة والمجاهر الإلكترونية وكل التقنيات التي تعتمد على فهم سلوك الجسيمات الدقيقة.
0 تعليق