شهد الجيش الروسي زيادة كبيرة في عدد دبابات القتال الرئيسية من طراز "تي-80"، التي عادت إلى الواجهة بقوة بعد سنوات من التراجع. ويأتي هذا التحول في ظل التقدير المتزايد لقدرات الدبابة الفريدة، خصوصًا من حيث خفة الحركة العالية ومرونتها في ظروف القتال المعقدة.
من تراجع حاد إلى عودة لافتة
خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهدت أعداد دبابات "تي-80" العاملة انخفاضًا كبيرًا بسبب ارتفاع تكاليف تشغيلها وصيانتها مقارنةً بمنافستها "تي-72"، التي فضّلها الجيش الروسي لتكلفتها الأقل وسهولة إنتاجها، وفقًا لموقع ميليتاري ووتش.
لكن الأداء الميداني المتميز لـ"تي-80" في القتال الشديد أثبت عكس ذلك، إذ أظهرت تفوقًا واضحًا في السرعة، والمناورة، والاستجابة التشغيلية، ما دفع الجيش الروسي إلى توسيع نطاق استخدامها من جديد.
نمو في الخدمة الفعلية بعد حرب أوكرانيا
أعادت حرب أوكرانيا عام 2022 الاعتبار لدبابة "تي-80"، حيث ارتفع عدد الدبابات العاملة من هذا الطراز إلى 23 وحدة من نوع "تي-80 بي في إم"، مقارنةً بأربع وحدات فقط قبل الحرب.
وتتميز هذه النسخة بسرعة أمامية وخلفية تفوق نظيراتها من "تي-72" و"تي-90"، إضافةً إلى انخفاض صوت محركها وقدرتها الفائقة على العمل في درجات حرارة منخفضة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للعمليات في البيئات القاسية.
تاريخ صناعي متقلب
تم إنتاج "تي-80" في اثنين من أكبر مصانع الدبابات في الاتحاد السوفياتي خلال الثمانينيات، لكنها فقدت مكانتها بعد انهيار الاتحاد بسبب توجه القيادة نحو خفض التكاليف على حساب الأداء.
وفي التسعينيات، استمر إنتاجها بأعداد محدودة للحفاظ على الوظائف في مصانعها، قبل أن يتوقف الإنتاج تمامًا عام 2001.
غير أن الأداء اللافت في ساحات القتال الأوكرانية دفع موسكو إلى إعلان استئناف الإنتاج في سبتمبر 2023، بعد توقف دام قرابة 25 عامًا.
تحديثات تقنية متقدمة
رغم توقف الإنتاج الطويل، تمكنت الصناعات الدفاعية الروسية من تحديث النسخ القديمة من "تي-80 بي" و"تي-80 بي في" المخزنة، لتسليمها إلى وحدات الخطوط الأمامية.
وشملت التحديثات الجديدة:
دمج المدفع الرئيسي A46M-42 المتطور.
تزويدها بمحرك بقوة 1250 حصانًا بزيادة قدرها 25% عن النسخ السابقة.
- تحسين نظام الحماية بإضافة الدرع التفاعلي المتفجر.
- تزويدها بمناظير حرارية متطورة.
- إتاحة استخدام ذخائر حديثة متعددة الأنواع.
- مقارنة مع نظيرتها الأمريكية "أبرامز"
تُعد "تي-80" واحدة من دبابتين فقط في العالم تستخدمان محركًا توربينيًا غازيًا، إلى جانب الدبابة الأمريكية الشهيرة "إم-1 أبرامز".
ورغم أن الأخيرة تزن نحو 80 طنًا مقابل 45 طنًا فقط لـ"تي-80"، فإن نسبة القوة إلى الوزن تصب في صالح الدبابة الروسية، التي تحقق كفاءة أعلى وأداءً أفضل في المناورة.
كما تفوقت بعض نسخ "تي-80" في مستوى الحماية والدروع على "أبرامز"، مع امتلاكها مدفعًا رئيسيًا أكبر، ما جعلها تُصنّف كأحد أكثر التصاميم كفاءة خلال حقبة الحرب الباردة.
مستقبل "تي-80" في الجيش الروسي
رغم ارتفاع تكاليف إنتاجها ودعمها اللوجستي، لا يتوقع أن يتم تصنيع "تي-80" بأعداد تضاهي "تي-90 إم" الأرخص تكلفة.
إلا أن استئناف الإنتاج وتحديث النسخ القديمة يشيران إلى توجه استراتيجي روسي نحو تعزيز وجود هذه الدبابة ضمن الأسطول القتالي، لتصبح رمزًا متجددًا للتوازن بين القوة والسرعة في ساحة المعركة الحديثة.












0 تعليق