تحل اليوم ذكرى وفاة الفنانة القديرة نعيمة الصغير، التي رحلت في 20 أكتوبر 1991، تاركة إرثًا فنيًا لا يمحى، ارتبط اسمها لدى الأجيال بشخصية "الكتعة"، أو كما عرفها الأطفال بـ"أمنا الغولة"، لتصبح رمزًا لأدوار الشر المميزة على الشاشة، وصوتًا وسحرًا لا ينسى في ذاكرة السينما المصرية.
البداية الفنية: الغناء قبل التمثيل
ولدت نعيمة الصغير عام 1931 في الإسكندرية، وبدأت عشقها للفن بالغناء، كان صوتها الجميل وطبقتها المتميزة سببًا في مشاركتها بأغنية "طب وأنا مالي" ضمن أحداث فيلم "اليتيمتان" عام 1948، بطولة فاتن حمامة وفاخر فاخر، في هذه الفترة، كانت أحلامها تتجه نحو الغناء أكثر من التمثيل، وكانت تعتبر الفن مساحة للتعبير الصوتي قبل كل شيء، قبل أن يتجه مسارها لاحقًا نحو الشاشة الكبيرة.
الحادثة التي غيرت مسارها الفني
واجهت نعيمة تحديًا قاسيًا داخل الوسط الفني، حين دبرت إحدى زميلاتها لها مؤامرة بدافع الغيرة، فقامت بوضع مادة سامة في فنجان الشاي الذي كانت تشربه دون علمها، نجت نعيمة من الموت بأعجوبة، لكن الثمن كان فقدان صوتها الرقيق وتحوله إلى طبقة أجش، ما غير شكلها الفني بالكامل.
التحول نحو أدوار الشر
على الرغم من المصاعب، تحول صوتها الأجش إلى ميزة فنية، فتح لها أبواب الأدوار الشريرة والقاسية، التي برعت في تقديمها بشكل واقعي وصدق لا يضاهى، امتلكت القدرة على السيطرة على المشهد، حتى في الأدوار القصيرة، بفضل حضورها الكاريزمي ونبرتها الصوتية الحادة.
مسيرة فنية حافلة
قدمت نعيمة الصغير خلال مسيرتها أكثر من 180 عملًا سينمائيًا، وبرزت في أعمال كبيرة، من بينها تعاونها مع المخرج يوسف شاهين في فيلم "إسكندرية ليه"، حيث قدمت دورًا قريبًا من شخصيتها الحقيقية، مؤكدة قدرتها على الأداء الطبيعي بعيدًا عن المبالغة.
وكان لها نصيب كبير من الأعمال أمام الزعيم عادل إمام، شاركته نحو 10 أعمال منها: غاوي مشاكل، ممنوع في ليلة الدخلة، رمضان فوق البركان، كراكون في الشارع، المشبوه، حب في الزنزانة، وخلي بالك من عقلك.
أدوارها الأيقونية
من أبرز محطات شهرتها الشعبية شخصية "أمنا الغولة" في فيلم "العفاريت" عام 1990، الذي ترك أثرًا عميقًا في ذاكرة الأطفال، حيث جمعت بين الرعب والدهشة، وظهرت بمزيج من القوة والغموض، ما جعل الدور خالدًا في الثقافة الشعبية المصرية.
رحيل نعيمة الصغير عن عالمنا في عام 1991 لم يوقف تأثيرها الفني، فقد كانت الوحيدة القادرة على تحويل أدوار الشر إلى فن راقي يمكن تصديقه والتعاطف معه أحيانًا، وبرغم أنها لم تكن بطلة مطلقة في معظم أعمالها، فإن حضورها وتراثها الفني ظل أعمق وأقوى من كثير من نجوم السينما الذين تصدروا الأفيشات، دون أن يتركوا أثرًا دائمًا في ذاكرة الجمهور.
0 تعليق