كارلو أورباني.. الطبيب الذي اكتشف "سارس" وأنقذ العالم بثمن حياته

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم ولد الطبيب الإيطالي كارلو أورباني، أحد أبرز الأسماء في تاريخ الطب الحديث، وأحد أبطال الإنسانية الذين لم يحملوا سلاحًا سوى العلم والضمير.

كان أول من اكتشف فيروس سارس (SARS) عام 2003، ليطلق إنذارًا عالميًا مبكرًا أنقذ البشرية من وباء كان يمكن أن يكون كارثيًا.

النشأة والبدايات

 

ولد كارلو أورباني في 19 أكتوبر عام 1956 بمدينة كاستلفيداردو الإيطالية،

منذ طفولته أبدى اهتمامًا كبيرًا بالعلم والإنسان معًا، فجمع بين الذكاء والرحمة، ودرس الطب في جامعة أنكونا، ثم تخصص في الأمراض المعدية.

عمل طبيبًا في المستشفيات الإيطالية قبل أن ينضم إلى منظمة أطباء بلا حدود (Médecins Sans Frontières)، وهناك بدأ طريقه الإنساني الحقيقي في أماكن الأزمات والحروب والأوبئة.

 

طبيب الميدان قبل المختبر

 

لم يكن أورباني طبيبًا مكتبيًا، بل كان دائم التواجد في مناطق الخطر.

سافر إلى كمبوديا، ولاوس، وفيتنام، ليعالج الفقراء والمهمشين ويعمل على الوقاية من الأمراض المعدية.

كانت رسالته الطبية ترتكز على أن “الطب لا قيمة له إن لم يمارس في خدمة الإنسان مهما كان المكان”.

 

لحظة الاكتشاف.. حين واجه المجهول

 

في أوائل عام 2003، لاحظ أورباني أثناء عمله في مستشفى فيتنام الفرنسي في هانوي ظهور أعراض غريبة على المرضى: حمى شديدة وسعال حاد وضيق في التنفس، لا تشبه أي عدوى معروفة.

بخبرته الدقيقة، أدرك أن العالم يواجه فيروسًا جديدًا مجهول المصدر.

هو أول من وصف المرض وسجل خصائصه، ثم أبلغ منظمة الصحة العالمية، لتتحرك فورًا وتعلن حالة الطوارئ الدولية.

بفضل يقظته المبكرة، تم احتواء الوباء وإنقاذ مئات الآلاف من الأرواح.

 

الطبيب الذي ضحّى بنفسه

 

المفارقة المأساوية أن كارلو أورباني أُصيب بنفس الفيروس الذي اكتشفه أثناء رعايته للمرضى في المستشفى.

ظل يقاوم العدوى بشجاعة، مدركًا أنه ربما لن ينجو، لكنه كان يحرص على تسجيل ملاحظاته العلمية حتى الأيام الأخيرة من حياته.

توفي في 29 مارس 2003 عن عمر ناهز 46 عامًا، في بانكوك بتايلاند، بعد أن ترك للعالم دروسًا في العلم، والإخلاص، والبطولة الإنسانية.

 

تكريم بعد الرحيل

 

كرمته منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود، كما أطلقت إيطاليا اسمه على مؤسسات طبية ومدارس ومراكز بحثية.

وأصبح يذكر اليوم كرمز للطبيب الذي جعل من مهنته رسالة مقدسة تتجاوز حدود الوطن والذات.

 

قالت عنه إحدى زميلاته: “كان بإمكانه أن يهرب، لكنه اختار أن يبقى مع المرضى، لأن الطبيب الحقيقي لا يهرب من الخطر.”

رحل كارلو أورباني جسدًا، لكنه ترك خلفه ضوءًا يذكر العالم بأن إنقاذ حياة واحدة… هو أعظم أشكال النصر الإنساني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق