العملات المشفرة في مهب الريح.. 131 مليار دولار تتبخر خلال أسبوع واحد

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تجدد التوتر التجاري بين أمريكا والصين يشعل خسائر قاسية بسوق العملات الرقمية

شهدت سوق العملات المشفرة خلال الأسبوع الماضي انهياراً واسع النطاق، إذ فقدت العديد من العملات البديلة المرتبطة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وأخرى صغيرة الحجم، ما يصل إلى 80% من قيمتها. كما تراجعت عملة بتكوين بنحو 13% متأثرة بتجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في حين كشف هذا التراجع الكبير عن هشاشة البنية الداخلية للعملات البديلة، التي تعاني من ضعف السيولة وارتفاع المضاربات، وهو ما يثير الشكوك بشأن مستقبلها واحتمال دخول السوق في مرحلة انكماش جديدة خلال الفترة المقبلة.

لم يقتصر الانهيار على “بتكوين” وحدها، بل امتد ليشمل منظومات كاملة من الرموز الرقمية التي أصبحت مرتعاً للمضاربة المفرطة، إذ انساق كثير من المستثمرين خلف وعود بتحقيق ثروات ضخمة، مستندين إلى موجات من “الميمات” المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأسماء معروفة روّجت لها، إلى جانب إيمان مفرط بزخم السوق لا يستند إلى أساسات مالية حقيقية.

العملات المشفّرة المرتبطة بترمب تتعرض لخسائر فادحة

تراجعت بتكوين بنسبة 13% عقب تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن الضرر الأكبر أصاب العملات الصغيرة والبديلة، حيث انخفضت قيمة بعضها بما يصل إلى 80% قبل أن تشهد تعافياً طفيفاً.
وكانت عملة الميم المرتبطة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، والتي تم الترويج لها مطلع العام الجاري، من بين أبرز الخاسرين، إذ هبطت بنسبة 37% في يوم واحد، وفقاً لبيانات موقع CoinMarketCap. كما تراجعت عملة WLFI التابعة لشركة World Liberty Financial، والمرتبطة أيضاً بعائلة ترمب، بنسبة مماثلة تقريباً.
الانهيار يكشف هشاشة العملات البديلة

من أصل نحو 380 مليار دولار تبخّرت من أسواق العملات المشفّرة خلال الأسبوع الماضي، كان نصيب العملات البديلة منها يقارب 131 مليار دولار، وفقاً لتقديرات شركة "10x ريسيرتش" (10x Research). ويأتي ذلك في وقت يتسم فيه هذا القطاع بسيولة ضعيفة، وسلوكيات مضاربية مفرطة، وحماس مبالغ فيه من قبل المتداولين اليوميين الذين يلاحقون الأرباح السريعة دون أسس مالية متينة.

هذا الانهيار العنيف زاد من الشكوك حول مستقبل منظومة العملات البديلة، إذ يرى المتعاملون وصنّاع السوق أن الدعم الهيكلي لهذه الرموز الرقمية بدأ يتآكل بشكل واضح مع تراجع الإقبال وتصاعد العزوف عن المخاطر. واللافت أن هذه الموجة من الانهيار - غير المسبوقة من حيث السرعة والحجم

 - قد تمثل نقطة تحول حاسمة وربما نهاية حقبة الصعود الجنوني التي كانت تشهد خلالها عملات مجهولة قفزات خيالية وصلت أحياناً إلى 1000% دون أي مبرر اقتصادي واضح.

وبحسب ما قاله باحثون في شركة "أركا" (Arca):

تشمل العملات البديلة طيفاً واسعاً من الأصول الرقمية باستثناء “بتكوين” و”إيثر”، وتضم عدداً من عملات الميم التي ارتبطت باتجاهات رائجة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل كلب “شيبا إينو” والضفدع الكرتوني “بيبي”، وحتى فرس النهر الحقيقي “مو دينج”.

وقد كانت هذه الفئة تحديداً الأكثر تضرراً يومي الجمعة وصباح السبت، مع بدء عمليات التخارج الواسع منها نتيجة ضعف شهية المستثمرين للمخاطر في الأسواق العالمية. غير أن الانهيار الأعمق لهذه العملات لم يكن بسبب التراجع العام فحسب، بل أيضاً بسبب هشاشتها البنيوية. فكثير منها يتم تداوله بأحجام محدودة جداً، ويفتقر إلى عمق شرائي فعلي، ويعتمد على عدد قليل من المتعاملين للحفاظ على استقرار الأسعار. وعندما تتزايد ضغوط البيع، ينسحب هؤلاء بسرعة، ما يجعل هذه الرموز مكشوفة أمام تقلبات حادة. وفي ظل غياب أساسيات اقتصادية قوية أو طلب مستقر، تنهار آلية التسعير بسهولة وسرعة.

تراجع هيمنة “بتكوين” قد ينذر بموجة انهيار جديدة في السوق

ورغم أن العملات البديلة ما زالت محدودة السيولة مقارنة بعملتي “بتكوين” و”إيثر”، فإنها توسعت خلال الشهور الماضية لتستحوذ على حصة متزايدة من السوق. إذ انخفضت حصة “بتكوين” من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفّرة من نحو 65% في يوليو الماضي إلى 58.5% حالياً، وفقاً لبيانات موقع “كوين ماركت كاب” (CoinMarketCap).

ويعد هذا التحوّل مؤشراً مهماً، إذ إن هيمنة بتكوين تاريخياً كانت تتراجع قبل كل انهيار كبير في سوق العملات الرقمية. فمثلاً، انخفضت هيمنتها من 70% في عام 2019 إلى 38% أواخر عام 2022، قبيل آخر موجة انهيار واسعة، ثم عادت لترتفع من جديد مع تدفق رؤوس الأموال نحو الأصول الرقمية الأكثر أماناً.

واليوم، يتوقع كثير من المتعاملين في السوق أن يتكرر هذا النمط مرة أخرى، بحيث تمر الأصول الرقمية بفترة ركود طويلة، خصوصاً تلك التي تمتاز بانتشار محدود وسيولة ضعيفة. ويُعزى ذلك ليس فقط إلى الخسائر الفادحة التي تكبدها المتداولون خلال الأسبوع الماضي، بل أيضاً إلى حقيقة أن عدداً قليلاً من هذه العملات كان يحقق أرباحاً فعلية حتى قبل موجة الانهيار الأخيرة، ما يجعل مستقبلها أكثر غموضاً من أي وقت مضى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق