“شيخ العرب”.. السيد البدوي قطب وحّد المصريين في حضرة الذكر والنور

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُعدّ السيد أحمد البدوي واحدًا من أبرز رموز التصوف الإسلامي في مصر والعالم العربي، ومقامه بمدينة طنطا بمحافظة الغربية يمثل قبلة روحية لملايين المريدين الذين يفدون إليها من مختلف المحافظات للاحتفال بمولده في واحدة من أضخم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تجمع المصريين بمختلف انتماءاتهم.

يُعرف البدوي في الوجدان الشعبي بأنه “الولي الكبير” و“شيخ العرب”، ويُروى عن كراماته الكثير، بينما ارتبط اسمه بمظاهر الفرح الشعبي التي تصاحب مولده، والتي تمزج بين الطابع الديني والموروث الشعبي في مشهد فريد يعكس وحدة الروح المصرية.

النشأة والبدايات الروحية

وُلد السيد أحمد البدوي في مدينة فاس بالمغرب عام 596هـ / 1200م تقريبًا، في أسرة شريفة النسب تنتمي إلى آل بيت النبي محمد ﷺ.

انتقل مع أسرته إلى الحجاز في شبابه، وهناك تلقى علوم الدين واللغة والتصوف، وتأثر بعدد من شيوخ الطرق الصوفية، قبل أن يهاجر إلى مصر في عهد السلطان الظاهر بيبرس، ليستقر بمدينة طنطا، التي أصبحت بعد ذلك مركزًا لطريقته الصوفية.

البدوي والزهد والتصوف

عُرف البدوي بالزهد والورع والعبادة الطويلة، وكان كثير الخلوة والاعتكاف في العبادة، حتى لُقّب بـ“البدوي” بسبب تغطيته وجهه بالنقاب الأحمر أثناء خلواته.

كان يدعو إلى الصفاء الروحي والتمسك بالأخلاق، وكرّس حياته لنشر مبادئ الإخلاص والمحبة في الله، فالتف حوله المريدون من مختلف الأنحاء، وتشكلت طريقته المعروفة باسم الطريقة الأحمدية، التي أصبحت إحدى الطرق الصوفية الكبرى في مصر والعالم الإسلامي.

وتخرج من مدرسته الروحية عدد من الأولياء والعلماء، الذين نشروا تعاليمه في مصر، والشام، والمغرب العربي.

مولد السيد البدوي.. احتفال بالمحبة والوحدة

يُقام مولد السيد البدوي سنويًا في شهر أكتوبر، ويُعد من أكبر الموالد في مصر بعد مولد الإمام الحسين والسيدة زينب.

تستعد مدينة طنطا لاستقبال مئات الآلاف من الزوار، حيث تُنصب السرادقات، وتُقام حلقات الذكر والإنشاد والمدائح النبوية، إلى جانب الأسواق الشعبية التي تعرض المأكولات والحلوى والهدايا التقليدية.

ويتحول المسجد الأحمدي وساحاته إلى مركز روحاني نابض بالحياة، يجتمع فيه الناس على الذكر والدعاء، في مشهد يجسد تلاحم المصريين واحتفاءهم بالرموز الدينية.

رسالة المولد.. التسامح والروح المصرية

تُعدّ الاحتفالات بالمولد الأحمدي مناسبة تجدد فيها قيم التسامح والوحدة الوطنية، إذ يشارك فيها المسلمون والمسيحيون على حد سواء، تعبيرًا عن عمق التعايش في المجتمع المصري.

ولا يقتصر المولد على الجانب الديني فحسب، بل يمثل أيضًا مهرجانًا ثقافيًا واجتماعيًا يجمع بين الإنشاد والكرم الشعبي والاحتفاء بالتراث.

ويظل السيد أحمد البدوي، عبر سيرته ومولده، رمزًا للروحانية المصرية الأصيلة التي تمزج بين الإيمان بالله وحب الوطن، وبين التصوف والعطاء الإنساني المتواصل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق