أدانت مصر وعدة دول خليجية الهجوم الذي شنّته إيران على قاعدة أمريكية في قطر، واعتُبر الهجوم تصعيدًا خطيرًا في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم، بينما دعت الولايات المتحدة إلى وقف فوري للتصعيد، في وقت برزت فيه دعوات عربية لاحتواء الموقف ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع.
وفي تطور لافت، أُعلن سريعًا عن وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، واعتُبر الإعلان خطوة إيجابية نحو التهدئة والعودة إلى الحوار، بعد جهود دبلوماسية مكثفة شاركت فيها وساطات دولية وإقليمية بهدف تجنب مزيد من التصعيد وتأمين استقرار المنطقة.
وفي تصريحات لـ"الدستور"، أكد عمرو أحمد، مدير وحدة إيران بالمنتدى الاستراتيجي للفكر، أن موقف مصر كان واضحًا منذ البداية، داعيًا إلى خفض التصعيد ورفض أي انتهاك للسيادة العربية، موضحًا أن الضربة الإيرانية كانت رمزية ومنسقة مع واشنطن بهدف توصيل رسالة داخلية من طهران دون توسيع دائرة المواجهة.
وأوضح أن الإعلام الإيراني تعامل مع الضربة من زاويتين: الأولى أنها رد على هجوم سابق، والثانية أنها لم تستهدف قطر كدولة بل القاعدة الأمريكية فقط، كما أجرت طهران اتصالات مع الدوحة لتأكيد هذا الموقف.
وأشار إلى أن مصر لعبت دورًا محوريًا في احتواء الأزمة، بفضل علاقاتها الجيدة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، إلى جانب الدور المتصاعد لروسيا في التفاوض. وأضاف أن هناك قناعة متزايدة لدى واشنطن وطهران بأن استمرار التصعيد لا يخدم مصالح أحد، وسط خسائر باهظة لدى الطرفين، خصوصًا في الداخل الإيراني والإسرائيلي.

عمرو أحمد: موقف مصر واضح وحازم
أكد عمرو أحمد، مدير وحدة إيران بالمنتدى الاستراتيجي للفكر، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن الموقف المصري كان واضحا منذ البداية، إذ دعت القاهرة مرارا إلى خفض التصعيد في المنطقة، انطلاقا من مبدأ ثابت يعتبر أن فتح جبهات جديدة للصراع لا يؤدي سوى لاشتعال المنطقة.
وأوضح مدير وحدة إيران بالمنتدى الاستراتيجي للفكر، أن الموقف المصري والعربي كان موحدا تجاه حالة التصعيد الأخيرة، وهناك رفض صريح للاعتداء على أي دولة عربية، وهو ما تحدثت عنه القيادة السياسية مرارًا باعتباره مسألة أمن قومي مصري وعربي، مشيرا إلى أن الرد الإيراني كان بمثابة "ضربة رمزية" منسقة مع الولايات المتحدة، أرادت بها طهران إيصال رسالة داخلية بأنها قادرة على إصابة كل من يستهدفها.
واستطرد: “الإعلام الإيراني تعامل مع الضربة في مسارين، الأول أنها كانت ردا على استهداف سابق، والثاني التأكيد على أن إيران لم تستهدف قطر كدولة بل فقط القاعدة الأمريكية، بل وأجرت طهران اتصالات رسمية مع قطر لتوضيح هذا الموقف”.
وأفاد بأن مصر والدول العربية لم تتأخر في لعب دورها لاحتواء الموقف، مشيرا إلى أهمية العلاقات الجيدة لمصر مع كل من الولايات المتحدة وإيران، وكذلك دور روسيا، الذي بدأ يتصاعد في خط التفاوض، معقبا: هناك قناعة أمريكية وإيرانية أن استمرار الحرب لن يخدم أحدا، والخسائر في الداخل الإيراني والإسرائيلي ضخمة، لذلك العودة إلى طاولة المفاوضات أمر ضروري للجميع، ولأمن المنطقة بشكل عام.
نهى بكر: تنسيق عربي متماسك رافض للهجوم الإيراني
من جانبها، أكدت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية، أن الموقف العربي الرافض للهجوم الإيراني يعكس تنسيقًا جماعيًا لحماية أمن المنطقة، مشيرة إلى أن ردود الأفعال العربية تتشابه مع ردها على الضربات الإسرائيلية لإيران، مما يدل على وحدة الموقف العربي.
واعتبرت بكر أن توقيت الضربة الإيرانية يحمل ثلاث رسائل:
الرد على استهداف المنشآت النووية الإيرانية بإيعاز من إسرائيل.
التحذير من التواطؤ العسكري الأمريكي الإسرائيلي.
التأكيد على قدرة طهران على الردع وحماية "خطوطها الحمراء".

وتوقعت أن تشهد الفترة المقبلة تحركات دبلوماسية عربية لاحتواء التوتر، لكنها لم تستبعد استمرار التوتر في حال واصلت إسرائيل سياسة التصعيد، مؤكدة أن إدارة الأزمة تتطلب إرادة حقيقية من واشنطن وطهران للعودة إلى التفاوض.
وفي ضوء هذه التطورات، تبرز مصر والدول العربية كلاعب أساسي في جهود التهدئة، إذ تؤكد مواقفها الرسمية على رفض أي مساس بالسيادة العربية، بالتزامن مع التحرك لاحتواء الأزمة ومنع الانفجار، خاصة أن الضربة الإيرانية، رغم محدوديتها، أعادت رسم معادلات التوتر ولم تُنهِ خطر التصعيد.
ويبقى المشهد الإقليمي في حالة ترقب لأي تطورات جديدة، في ظل آمال بأن تنجح المساعي الدبلوماسية في تحويل الأزمة إلى فرصة لإعادة بناء التفاهمات الأمنية والسياسية في المنطقة.