الضرائب تكرم مموليها...تصدق؟!

الثلاثاء 24/يونيو/2025 - 12:13 م 6/24/2025 12:13:00 PM

قبل عدة سنوات كانت هناك  مانشيتات متكررة تتصدر معظم الصحف في مثل هذا التوقيت من كل عام، كانت تلك العناوين الصحفية تقول وإن اختلفت بعض المفردات:  " الضرائب تلاحق رجل الأعمال فلان الفلاني " أو " القبض على النجم الفلاني بسبب تهربه من تسديد الضرائب المستحقة"، كما كان هناك عنوان آخر تحذيري يتكرر نشره مع تقديم الاقرارات يقول" عقوبات جديدة ضد المتهربين ضريبيا في مصر "، 
   لا شك أن إيرادات الضرائب تمثل جزءًا هاما من إجمالي الدخل القومي المصري، والتي وصلت وفق بعض التقديرات نحو ٣٥ ٪ من إيرادات الحكومة
إذ ارتفعت عائدات الضرائب في مصر بنسبة 29.4%، على أساس سنوي، خلال العام المالي 
الماضي. ووفق الحساب الختامي لموازنة مصر عن العام المالي الماضي، ارتفعت إيرادات الضرائب لتسجل نحو 1.628 تريليون جنيه خلال المدة من يوليو 2023 حتى يونيو 2024، مقابل 1.258 تريليون جنيه في 
العام المالي السابق له. فيما تمثل الإيرادات الضريبية نحو 64% من إجمالي إيرادات مصر المحققة خلال العام المالي الماضي والبالغة 2.543 تريليون جنيه.
     يقينا فإن جهدًا كبيرًا تبذله مصلحة الضرائب المصرية ومنسوببها حققت كل تلك العوائد التي تعتبر أحد أهم مصادر التمويل للموازنة العامة للدولة. ومن الإنصاف أن يتم توجيه الشكر لكل من يقوم بدوره في هذا القطاع. الشكر هنا ليس فقط بسبب قيمة المتحصلات التي يحققها القطاع، وإنما لذلك الأسلوب الذي شرعت مصلحة الضرائب ووزارة المالية في اتباعه مع الممولين.
       جرت العادة، وصورت لنا الأفلام وسجلت إصدارات الصحف قديمًا عشرات بل مئات الحالات لأسر كانت تعيش في رغد وبحبوحة، وإذا بانذار من الضرائب يحول الحياة إلى جحيم، ويضطر ولي أمر الأسرة إلى التخلي عن مؤسسته مجبرًا للوفاء بالتزاماته الضريبية. وكم تابعنا من تحولات دراماتيكية في حياة أفراد ومستقبل عائلات، بعد أن مات وليها كمدا أو انتحارا أو ابعد عن ذويه بالسجن لعجزه عن سداد التزاماته الضريبية.
اليوم تحول الحال إلى النقيض تمامًا، فإذا بالحكومة تستقبل الاقرارات الضريبية من الممولين دون نظرة شك، أو اتهام مسبق بالتدليس في الأرقام والتلاعب في الدفاتر.
ليس معنى هذا تسليما مني بأننا تحولنا إلى مجتمع ملائكي، أو أن عموم الممولين أدركوا أهمية العوائد الضريبة التي يسددونها ومدى اسهامها في الوفاء بالتزامات الحكومة تجاه شعبها من حيث الخدمات المختلفة التي تحتاج إلى تمويل دائم ومستمر تفي به مصادر الدخل القومي المختلفة كالسياحة وقناة السويس. غير أن العوائد الضريبية تبقى هي النسبة الأكثر ضمانا واستدامة دون غيرها، ولذلك أسبابه التي لا تخفى على القارئ الحصيف.
     و من هذا المنطلق سعدت جدا حين تابعت حفلًا نظمته مصلحة الضرائب قبل يومين بحضور وزير المالية، تم خلاله تكريم عدد من المؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال، فضلًا على عدد من الشخصيات العامة من فنانين وصحفيين وإعلاميين نظرًا لالتزامهم بالسداد  
و تسوية الملفات في حينها. وفي ذات السياق أقترح على وزير المالية أحمد كوجك ورئيس مصلحة الضرائب السيدة رشا عبد العال أن تكون هناك جائزة كبرى عبارة عن خصم نسبة مئوية معتبرة من المستحق على العميل الذي يفوز بلقب الممول الأكبر والذي تمثل حصيلة ضرائبه أكبر عائد لفرد من المتعاملين مع المصلحة، ويمكن اتباع نفس النهج لاحقًا مع النقابات والمؤسسات الخاصة والعامة.
 تزامن هذا الاحتفال مع الإعلان عن حزمة أولى من التسهيلات الضريبية، هدفها التيسير على الممولين وتحفيزهم، ما حقق وفورات ضريبية لصالح الممولين نتيجة تسوية النزاعات مع المصلحة، فيما وصف بالنقلة النوعية في العلاقة بين مصلحة الضرائب والممولين، بعد وضع حد أقصى للغرامات التي يتم فرضها على المتهربين ضريبيا.             ما لفت نظري بشدة، في هذا الشأن، كانت عبارة ذكرها وزير المالية أكد فيها حرص وزارته على تطوير الخدمة سعيا لتحقيق رضا العميل! وإذا كان رضا العميل هو التوجه الحقيقي لمصلحة كانت تعرف فيما مضى بأنها مصلحة الجباية، فإن تغييرا حقيقيا يتم كان واجبًا أن نتوقف عنده في هذا المقال لنحيي توجه الدولة للحصول على حقوقها بأعلى درجة من حفظ حقوق المواطنين وتقدير الأمناء ممن يعلون قيمة المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تردد قنوات MBC لـ مشاهدة مباراة الأهلي وإنتر ميامي الآن بث مباشر بالفيديو
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل