فى الاتصال الذى جرى بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عمان، تناول الزعيمان ضرورة وأهمية العمل على وقف التصعيد الجارى بين إسرائيل وإيران. وحذّرا من التبعات الجسيمة لتوسع دائرة الصراع فى المنطقة، مؤكدين ضرورة العودة لمائدة التفاوض حقنًا للدماء.
كما تناول الاتصال الدور الذى تقوم به سلطنة عمان للوساطة بين إيران والولايات المتحدة، وضرورة استعادة مسار المفاوضات وتعزيزه لتجنيب المنطقة ويلات الحرب. وكذلك أولوية العمل على وقف إطلاق النار فى غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع لإنقاذ أهله من المأساة الإنسانية التى يتعرضون لها بسبب العدوان الإسرائيلى.
وتبرز أهمية الاتصال بين الرئيس السيسى والسلطان هيثم كعنصر مهم للحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد، لأن أى تواصل مباشر يلعب دورًا محوريًا فى تسهيل الحوار وتخفيف حدة التوترات. وتمتلك مصر وسلطنة عمان تاريخًا طويلًا فى الدبلوماسية الهادئة والوساطة، ما يجعلهما فاعلين محتملين فى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.
فى سياق الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، يمكن أن يسهم أى تنسيق بين القاهرة ومسقط فى إعادة تفعيل قنوات الاتصال وتشجيع العودة إلى المفاوضات. وقد أثبتت التجربة أن الجهود الإقليمية يمكن أن توفر بيئة أكثر ملاءمة للحوار مقارنة بالمبادرات التى تأتى من خارج المنطقة.
وتعد الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة مصدرًا دائمًا للقلق والتوتر، وأى تصعيد إسرائيلى يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة بأكملها. وفى هذا السياق، يمكن للجهود الدبلوماسية المكثفة، بما فى ذلك الاتصالات بين القادة العرب، أن تسهم فى الضغط من أجل خفض التصعيد وحماية المدنيين وتعزيز فرص التهدئة. وتسعى مصر وسلطنة عمان بشكل مستمر إلى تفعيل دورهما لضمان حقوق الشعب الفلسطينى ووقف الانتهاكات.
إن المنطقة تمر بفترة حرجة تتطلب رؤية مشتركة وجهودًا منسقة من قادة الدول، من أجل بناء الثقة المتبادلة، وتنسيق المواقف، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب، والتدخلات الخارجية، والأزمات الاقتصادية. هذه الاتصالات لا تقتصر على معالجة أزمة بعينها، بل تمثل استثمارًا فى مستقبل المنطقة واستقرارها.
كما أن التعاون بين مصر وعمان، أو أى دولتين إقليميتين أخريين، يمكن أن يكون له تأثير إيجابى كبير على مسارات الأزمات. فالدبلوماسية الهادئة، والتنسيق الوثيق، والبحث عن حلول سلمية، هى مفاتيح رئيسية لتجاوز التحديات الحالية وتحقيق الأمن والازدهار فى المنطقة.
ومصر بتاريخها العريق لطالما اضطلعت بدور محورى ومهم فى الدبلوماسية الإقليمية والدولية. وفى خضم الحرب المتصاعدة التى تهدد المنطقة بالانزلاق نحو صراعات أوسع، تبرز الدبلوماسية المصرية كعنصر أساسى لإنقاذ المنطقة. وترتكز هذه الدبلوماسية على مبادئ ثابتة من عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم الحوار والتفاوض.
وتتميز السياسة الخارجية المصرية بالمرونة، ما يمكنها من إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الفاعلة، سواء الإقليمية أو الدولية. وتلعب الدولة المصرية دورًا مهمًا فى تعزيز هذه الدبلوماسية. فمن خلال تبنى الدولة مفهوم المواطنة المتساوية بغض النظر عن الدين أو العرق، وفصل الدين عن الدولة فى الشئون العامة، تتجنب مصر الانجرار إلى الصراعات ذات الطابع الطائفى أو الدينى التى غالبًا ما تؤجج التوترات فى المنطقة. هذا التوجه يسمح للدبلوماسية المصرية بالتركيز على المصالح الوطنية والإقليمية المشتركة، وتقديم نفسها كوسيط محايد وموثوق به، وقادر على بناء الجسور بين الأطراف المتنازعة التى قد تفصلها اختلافات أيديولوجية أو دينية عميقة. إن الدبلوماسية المصرية النشطة تمنح مصر قوة فريدة، تمكنها من العمل بفاعلية على احتواء الأزمات، والحد من التصعيد، وفتح قنوات الاتصال، وبالتالى المساهمة بفاعلية فى حماية المنطقة من ويلات الحروب وتحقيق الاستقرار المنشود.