في جبال "غوليس" الوعرة، شمال شرقي الصومال، وتحديدًا في إقليم بونتلاند شبه المستقل، لا تزال رايات تنظيم "داعش" ترفرف رغم العواصف الأمنية والعسكرية التي تلقتها خلال السنوات الماضية.
ورغم ما تكبده التنظيم من خسائر فادحة في العتاد والأرواح، إلا أن الخطر لم ينتهِ بعد بل يتجدد في صورة أشد مراوغة وخطورة.
بحسب تقارير استخباراتية حديثة وتصريحات لمسؤولين أمنيين في بونتلاند، فإن التنظيم فقد كثيرًا من قدراته اللوجستية والتنظيمية بعد سلسلة عمليات ناجحة شنتها قوات الأمن المحلية بدعم محدود من شركاء دوليين.
ومع ذلك، فإن الخلايا النائمة والنشاط الإعلامي المكثف لتنظيم داعش ما زالا يمثلان تهديدًا مستمرًا، خصوصًا في المناطق الجبلية النائية، التي تُعد ملاذًا مثاليًا لتحركات الجماعات المسلحة.
إعادة التموضع وليس الانهيار
يقول العقيد محمد سعيد، وهو ضابط استخبارات في بونتلاند، إن داعش لم يُهزم تمامًا، بل أعاد تموضعه وتكتيكاته.
وأضاف في تصريحات إعلامية له، أن الخطر الأكبر الآن هو تحول التنظيم إلى نمط العصابات و الاغتيالات، والتفجيرات محدودة، واستقطاب الشباب عبر الإنترنت.
ويؤكد مراقبون أن أحد أخطر ملامح المرحلة الجديدة هو اعتماد داعش على الاختراق الفكري وتجنيد الشباب عبر الدعاية الإلكترونية، مستغلاً الفراغ التنموي وغياب الفرص، خصوصًا في المناطق الريفية التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
تنافس مع "الشباب" ومواجهة مع المجتمع
من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل التوتر المكتوم بين تنظيم داعش وحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
فالصراع بين الطرفين في بعض المناطق تصاعد إلى مواجهات مسلحة، ما يثير مخاوف من تفجر صراعات دامية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار النسبي في بونتلاند، ويقوض جهود مكافحة الإرهاب.
لكن وسط هذا المشهد القاتم، يبرز دور المجتمع المحلي، حيث تشهد مناطق بونتلاند جهودًا متزايدة من الشيوخ والوجهاء المحليين لرفض الفكر المتطرف، وكشف المتعاونين مع الجماعات المسلحة.
كما أن السلطات بدأت في تنفيذ برامج توعية وإعادة تأهيل للعناصر السابقة وإن كانت هذه الجهود لا تزال محدودة الموارد والتأثير.