فى مشهد مهيب تتجلى فيه الروحانية بأبهى صورها، يقف اليوم ما يقرب من ٢ مليون مسلم على صعيد جبل عرفات، يؤدون الركن الأعظم من أركان الحج، متجردين من كل شىء إلا من إيمان خالص ودعاء صادق، متجهين بقلوبهم وأكفّهم نحو السماء، راجين الغفران، ومتشبثين برحمة الله التى لا تُرد، حيث تتوحد الأصوات والقلوب من مشارق الأرض ومغاربها، فى يوم عظيم وصفه النبى- صلى الله وعلية وسلم- بأنه «خيرُ يومٍ طلعت فيه الشمس»، ويُقال فيه إن الله يُباهى بعباده ملائكته.
يأتى ذلك وسط استعدادات كبيرة قامت بها المملكة العربية السعودية لإتمام موسم الحج هذا العام فى سهولة ويسر على حجاج بيت الله الحرام الذين توافدوا منذ صباح، أمس، إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، تقربًا لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة.
فيما قامت بعثة حج الجمعيات الأهلية فى تصعيد حجاج الجمعيات الأهلية إلى مشعر عرفات، حيث بدأت عملية التصعيد بعد ظهر أمس.
وتتم خطة التصعيد وفق جدول زمنى دقيق لتفادى الزحام والتكدسات، حيث سيتم تصعيد نحو ١٢٫٥٠٠ حاج يتبعون الجمعيات الأهلية، وهناك تنسيق كامل مع السلطات السعودية، وبمتابعة لحظية من مشرفى الحج بكل فندق وحافلة، لضمان انتقال الحجاج بسلاسة إلى عرفات.
ووصلت مقدمة بعثة حجاج الجمعيات الأهلية إلى مشعر عرفات لتفقد المخيمات ومتابعة التجهيزات النهائية، وتم التأكد من جاهزية الخيام من حيث جودة المكيفات والخدمات الطبية واللوجستية. كما بدأت شركات السياحة، عصر أمس، تصعيد الحجاج المصريين إلى مخيمات جبل عرفات بكل مستويات وبرامج الحج السياحى «الخمس نجوم والاقتصادى والبرى».
وجرى تجهيز سيارات لنقل جميع الحجاج بالقرب من أماكن إقامتهم، وحسب العادة، يجرى تصعيد الحجاج مباشرة إلى عرفات دون أداء التروية الليلة بمشعر منى، حرصًا على راحتهم وسلامتهم وتطبيقًا للخطط المعدة مسبقًا للتصعيد بعيدًا عن الزحام، وضمانًا لوصول الحجاج إلى مخيماتهم بسهولة ويسر.
وهناك عدد قليل من شركات السياحة تنظم ما يسمى بحج السنة، نقلت فى الساعات الأولى من الصباح، حجاجها، إلى مشعر منى للمبيت بها ليلة أمس، وتصعيدهم فجر اليوم الخميس إلى عرفات، وذلك بالتنسيق التام مع البعثة، وكذلك المطوفون السعوديون.
وبدأت بعثة الحج السياحى تنفيذ جولات ميدانية من خلال لجان مشتركة من أعضاء البعثة من الوزارة والغرفة، جرى توزيعها على أماكن إقامة الحجاج لمتابعة عمليات تصعيدهم، كما سيجرى توزيع تلك اللجان على مخيمات الحجاج فى منى وعرفات، لمتابعة ما يقرب من ٤١ ألفًا من حجاج السياحة، الذين يمثلون الغالبية العظمى بالحج المصرى، بنسبة حوالى ٥٢٪ من إجمالى عدد الحجاج المصريين هذا العام.
وأكدت سامية سامى، مساعد وزير السياحة والآثار لشئون الشركات، رئيس اللجنة العليا للحج والعمرة، المشرف على بعثة الحج السياحى، أنه جرى وضع خطة لمتابعة تصعيد حجاج السياحة، الذين يبلغ عددهم هذا العام ٤٠ ألفًا و٦٧٢ حاجًا، على أن يجرى التدخل الفورى لحل أى مشاكل خلال التصعيد.
وأوضحت «سامى» أن التصعيد يجرى بالتنسيق الكامل بين بعثة الحج السياحى والسلطات السعودية وفق التوقيتات المحددة، وكذلك الالتزام بالمسارات التى تحددها السلطات السعودية وبما يضمن انسيابية التصعيد.
وقالت إن هناك تنسيقًا على أعلى مستوى بين الوزارة وغرفة شركات السياحة من خلال ممثليها بالبعثة من لجنة السياحة الدينية، والجميع يعمل كفريق واحد لخدمة ضيوف الرحمن والعمل على راحتهم وسلامتهم، مؤكدة أنه جرى- بالتنسيق مع غرفة الشركات- إعداد قوائم بأسماء وبيانات الحجاج وتحديد الحافلات التى ستقلّهم لعرفات، وأيضًا المخيمات التى سيقيمون بها.
وأشارت إلى أن هناك متابعة من غرفة العمليات المركزية للبعثة على مدار الساعة، بالتعاون بين ممثلى الوزارة والغرفة ومشرفى الشركات المصاحبين للحجاج.
من جهته، قال ناصر تركى، نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، إن خطة تصعيد حجاج السياحة تنفذ بالتنسيق التام مع السلطات السعودية، مشيرًا إلى أن التصعيد يبدأ بعد ظهر اليوم.
وأوضح «تركى»: «هناك إجراءات مشددة لكى يكون ركوب حافلات السياحة مقتصرًا على حجاج الشركات فقط، من خلال إجراءات إلكترونية تسجل بدقة بيانات الحافلات وأسماء السائقين ووضع أسماء الحجاج على كل سيارة، كما يحمل الحجاج بطاقات «نسك» الذكية التى تضم كل البيانات الشخصية للحاج والتى تعد شرطًا أساسيًا لدخول مخيمات عرفات ومنى.
وأكد أحمد إبراهيم، رئيس لجنة السياحة الدينية بغرفة الشركات، أن كل مخيمات الحج السياحى، بما فيها البرى والاقتصادى، حديثة، ومصنوعة من مواد مضادة للحريق، وتتواجد بها أجهزة تكييف قوية.
وشدد «إبراهيم» على أن شركتىّ «الماسية مشارق» و«الراجحى متين»، اللتين تعاقدت معهما الغرفة لخدمة حجاج الشركات هذا العام، ستقدمان أفضل الخدمات لحجاج السياحة.
وتابع: «كالعادة تتمتع كل مخيمات الحج السياحى- التى تتضمن مخيمين خمس نجوم و٧ مخيمات للحج الاقتصادى ومخيمين للحج المميز ومخيمين للحج البرى- بالعديد من المزايا، منها قرب المخيمات من طريق النفرة فى عرفات، ومن جسر الجمرات بمشعر منى.
وأضاف أن تصعيد الحجاج لا يجرى بشكل عشوائى، وإنما من خلال تفويج دقيق وجدول زمنى جرى وضعه بالتنسيق بين البعثة والمطوفين، وتجرى متابعة التصعيد طوال اليوم حتى وصول جميع حجاج السياحة لمشعر عرفات، كما تجرى متابعة الحجاج طوال وجودهم بمخيمات منى وعرفات للاطمئنان عليهم والتأكد من توافر كل الخدمات الإشرافية والطبية واللوجستية.
وأكد وليد خليل، نائب رئيس لجنة السياحة الدينية بالغرفة عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، أن هناك أكثر من ٨٠٠ سيارة صعدت الحجاج إلى عرفات، موضحًا أن التصعيد تم إلى مشعر عرفات مباشرة.
وقال «خليل»: «البعثة حرصت على تطبيق الضوابط فيما يخص أتوبيسات نقل الحجاج، خاصة التصعيد من مكة إلى عرفات بحيث تكون سيارات حديثة».
وتابع: «حافلات نقل حجاج السياحة تشمل كل أنواع السيارات، من أتوبيسات وسيارات خاصة وسيارات دفع رباعى»، وأوضح أن أتوبيسات الحج البرى التى نقلت حجاج الشركات من مصر ستظل مرافقة للحجاج أيضًا بالمشاعر المقدسة حتى عودتهم إلى مصر، مشددًا على أنه سيجرى التأكد من تزويد حافلات نقل حجاج السياحة بكل ما يحتاجونه خلال التصعيد من مياه وعصائر.