في مثل هذا اليوم وتحديدا 1 يونيو لعام 1968 رحلت عن عالمنا الأديبة هيلين كيلر في ويستبورت بولاية كونيتيكت، وتعد مثالا رائعا للشخص الذي يتغلب على إعاقته الجسدية، فقد تعرضَّت لسلسلة من الأمراض أدت إلى تدمير حاستي السمع والبصر لديها وعمرها لم يتعد سنتين، ولهذا لم تكن قادرة على التحدث، وظلت محتجبة عن العالم الخارجي، لكنها تغلّبت على إعاقتها لتصبح مشهورة عالميا، ولتساعد الأفراد على أن يتمتعوا بحياتهم.
رحلة هيلين كيلر مع الصمم والعمى
فقدت هيلين كيلر بصرها وسمعها وهي في التاسعة عشرة من شهرها إثر إصابتها بمرض يُرجح أنه الحمى القرمزية، وفي سن السادسة خضعت لفحص على يد العالم ألكسندر جراهام بيل، الذي أشار بإرسال المعلمة آن سوليفان (ماسي)، وهي شابة تبلغ من العمر عشرين عامًا، من معهد بيركنز للمكفوفين في بوسطن، وقد ظلت سوليفان، التي تميزت بقدرات تعليمية فريدة، إلى جانب "كيلر" منذ مارس 1887 حتى وفاتها في أكتوبر 1936.
في غضون شهور قليلة، تعلمت هيلين كيلر الربط بين الأشياء والكلمات من خلال إشارات تُرسم على راحة يدها، وقراءة الجمل بملامسة الكلمات البارزة على البطاقات، وصياغة جملها الخاصة عبر ترتيب الكلمات داخل إطار، وبين عامي 1888 و1890، قضت فصول الشتاء في معهد بيركنز تتعلم طريقة برايل، ثم بدأت تدريجيًا تعلم النطق على يد سارة فولر في مدرسة هوراس مان للصم ببوسطن، كما تعلمت قراءة حركة الشفاه بوضع أصابعها على شفاه وحلق المتحدث، بينما تُهجّى الكلمات لها في ذات الوقت.
في الرابعة عشرة من عمرها، التحقت كيلر بمدرسة رايت-هيوماسون للصم في نيويورك، ثم تابعت تعليمها في مدرسة كامبريدج للفتيات بولاية ماساتشوستس، وفي 1900 حصلت على قبول بجامعة رادكليف، وتخرجت منها بمرتبة الشرف عام 1904، محققة إنجازًا لم يسبقها إليه أحد ممن يعانون نفس إعاقتها.
هيلين كيلر والاتجاه إلى الكتابة
بدأت هيلين كيلر الكتابة عن قضايا العمى، وهي موضوعات كانت تُعد من المحرّمات في مجلات النساء آنذاك بسبب صلتها بالأمراض التناسلية، وكان إدورد بوك أول من قبل مقالاتها في مجلة "ليديز هوم جورنال"، ولحقت به مجلات رائدة أخرى مثل: ذا سنتشري، ماكلورز، وأتلانتيك مانثلي.
ألفت هيلين كيلر عدة كتب حول حياتها وتجربتها، من بينها: قصة حياتي (1903)، التفاؤل (1903)، العالم الذي أعيش فيه (1908)، نور في ظلمتي وديني (1927)، مذكرات هيلين كيلر (1938)، والباب المفتوح (1957)، وفي 1913، بدأت تقديم المحاضرات - بمساعدة مترجم -، لصالح مؤسسة المكفوفين الأميركية، وأسست لاحقًا صندوقًا وقفيًا بقيمة مليوني دولار لدعمها، وجابَت في جولاتٍ محاضراتها دولا عديدة حول العالم.
شاركت كيلر في تأسيس اتحاد الحريات المدنية الأمريكي عام 1920 مع الناشط الحقوقي روجر ناش بالدون وآخرين، وكان لها دور محوري في تحسين أوضاع ذوي الإعاقة، حيث أسهمت جهودها في نقلهم من المصحات إلى المجتمع، وأدت إلى تأسيس لجان لرعاية المكفوفين في ثلاثين ولاية بحلول عام 1937.
وقد خُلدت قصة طفولتها وتدريبها مع آن سوليفان في مسرحية صانعة المعجزات (1959) للكاتب ويليام غيبسون، التي نالت جائزة بوليتزر عام 1960، ثم تحولت إلى فيلم سينمائي عام 1962، لعبت فيه آن بانكروفت دور سوليفان، وبيتي ديوك دور كيلر، وحصد الفيلم جائزتي أوسكار.