ظل اسم السلطان الناصر حسن بن قلاوون حاضرًا في ذاكرة القاهرة لا بوصفه حاكمًا مملوكيًا فحسب، بل بوصفه صاحب التحفة التي لا تزال تتحدى الزمن "مسجد ومدرسة السلطان حسن" عند ميدان صلاح الدين، غير أن المفارقة التي تطارد سيرته حتى اليوم، أن الرجل الذي شيد لنفسه ضريحًا داخل هذا الصرح، انتهى إلى لغز أنه اختفى بعد مقتله، ولم يعثر على جثمانه.
تذكر الروايات الصحفية المستندة إلى سرديات تلك الحقبة أن السلطان حسن حكم مصر مرتين في سياق صراع المماليك على السلطة، وأن الظروف السياسية المضطربة أحاطت بفترته، قبل أن تُغلق نهايته باب اليقين على مصير الجثمان وتحديدًا، يُشار إلى أن السلطان اختفى يوم 18 ديسمبر 1361م، مع تداول سيناريوهين رئيسيين بين الناس:أنه قُتل ودُفن في أكوام مصر القديمة أو أن جثمانه أُلقي في نهر النيل.
لماذا صار مصير الجثمان قصة؟
لأن الرجل نفسه كان قد أعدّ مكان الوداع داخل مشروعه المعماري الأكبر، فالمجمع يضم حجرة ضريح تقع مباشرة خلف جدار القبلة، في ترتيب معماري له دلالته الرمزية، إذ يجعل المصلين يتجهون في صلاتهم إلى موضع الضريح خلف جدار القبلة.
لكن المفارقة أن هذا الضريح لم يستقبل صاحبه، فمصادر معمارية وتعريفية بالمجمع تؤكد أن جثمان السلطان لم يُسترد ولم يدفن في مسجده.
تقول القصص إنه عندما اشتد الصراع، تخفى السلطان في زي "عربان" وهرب من القلعة، ثم قُبض عليه في بلبيس وسلم إلى خصمه الأمير يلبغا، وبعدها "اختفى إلى الأبد"، مع ترجيح بأن الجثمان انتهى إلى النيل.
وهنا ينبغي الانتباه، ما بعد لحظة القبض عليه يدخل في مساحة روايات متداولة لا تملك في هذا السياق دليلًا ماديًا حاسمًا، وهو ما جعل السؤال يتجدد: كيف يموت سلطان وتضيع جثته؟
تضيف قراءة معمارية حديثة للمجمع تفصيلة لافتة هي أن أحد المآذن انهار عام 1361م أثناء حياة السلطان، وقتل مئات الأشخاص بحسب ما تنقله المادة عن معاصري الحدث، وأن هذا الانهيار عد "نذير شؤم"، قبل أن يقتل السلطان بعد ذلك بفترة وجيزة، مع تأكيدٍ صريح أن جثته لم تسترد ولم تدفن في المسجد.
لكن يجب التأكيد على أن فرضيات "النيل" أو "أكوام مصر القديمة" تفسيرات متداولة تُذكر بصيغ مثل "يذهب البعض" و"الراجح" في الكتابات الصحفية، دون أن تُغلق الملف بدليل نهائي.
















0 تعليق