أثار إعلان إسرائيلي عن وقف عمل عشرات من منظمات الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة موجة واسعة من الغضب والقلق الدولي، في ظل تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها أكثر من مليون فلسطيني داخل القطاع المحاصر، خاصة مع دخول فصل الشتاء وتزايد الاحتياجات الأساسية للسكان.
وبحسب القرار المعلن، تعتزم إسرائيل تعليق أنشطة منظمات إغاثية محلية ودولية خلال مهلة لا تتجاوز 36 ساعة، بدعوى عدم امتثالها لشروط جديدة تتعلق بتسليم بيانات تفصيلية عن الموظفين الفلسطينيين والدوليين العاملين داخل غزة، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية وإنسانية قيودًا غير مسبوقة تهدد العمل الإنساني المحايد.
منظمات دولية كبرى ضمن قائمة الحظر
وشملت قائمة المنظمات المهددة بوقف العمل عددًا من أبرز الجهات الإنسانية المعروفة عالميًا، من بينها منظمات طبية وإغاثية تقدم خدمات حيوية في مجالات العلاج، والإيواء، والغذاء، والدعم النفسي للمدنيين المتضررين من الحرب.
وأكدت هذه المنظمات أن الشروط الجديدة المفروضة عليها قد تعرض موظفيها لمخاطر أمنية جسيمة، وتمس مبادئ العمل الإنساني القائمة على الحياد والاستقلال، فضلًا عن تعارضها مع القوانين الدولية المنظمة للعمل الإغاثي في مناطق النزاع.
عواصف وأمطار تفاقم المأساة الإنسانية
ويأتي القرار الإسرائيلي في توقيت بالغ الحساسية، حيث شهد قطاع غزة خلال الأيام الماضية عواصف قوية وأمطارًا غزيرة أدت إلى تدمير آلاف الخيام التي تؤوي نازحين فقدوا منازلهم، ما زاد من معاناة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.
ومع انخفاض درجات الحرارة، يواجه المدنيون أوضاعًا إنسانية شديدة القسوة، في ظل نقص حاد في مواد الإيواء، والبطاطين، ووسائل التدفئة، إلى جانب محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية.
تحذيرات دولية من انهيار شامل للخدمات
وأعرب وزراء خارجية عشر دول عن قلقهم البالغ إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في غزة، محذرين من أن استمرار القيود المفروضة على عمل المنظمات الإنسانية قد يؤدي إلى انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية.
وأشار بيان مشترك صادر عن عدد من الدول إلى أن نحو 1.3 مليون شخص في غزة ما زالوا بحاجة ماسة إلى دعم إيوائي عاجل، بينما تعمل أكثر من نصف المرافق الصحية بشكل جزئي فقط، وتعاني نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية.
مخاطر بيئية وصحية متزايدة
وأوضح البيان أن الانهيار الواسع في شبكات الصرف الصحي أدى إلى تعريض ما يقرب من 740 ألف شخص لخطر الفيضانات الملوثة، الأمر الذي يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة، في ظل ضعف الإمكانيات الطبية وقلة مياه الشرب النظيفة.
كما حذرت الجهات الدولية من أن استمرار منع دخول بعض المعدات الطبية والمواد الإغاثية بدعوى «الاستخدام المزدوج» يزيد من تفاقم الأزمة، خاصة أن هذه المواد تعد ضرورية لإنقاذ الأرواح.
مطالب بتسهيل دخول المساعدات فورًا
ودعا وزراء الخارجية الأمم المتحدة وشركاءها الدوليين إلى مواصلة العمل داخل غزة دون قيود، مطالبين برفع ما وصفوه بـ«القيود الإسرائيلية غير المبررة» على دخول المساعدات الإنسانية.
وأكد البيان أن الإجراءات الجمركية المعقدة وعمليات التفتيش المطولة تؤدي إلى تأخير وصول الشحنات الإغاثية، في الوقت الذي يُسمح فيه بدخول الشحنات التجارية بمرونة أكبر، ما يطرح تساؤلات حول أولويات إدارة المعابر.
اتفاقات معلقة ومستقبل غامض
ورغم سريان وقف إطلاق نار هش سمح بدخول بعض المساعدات، إلا أن التقدم نحو اتفاق دائم لا يزال متعثرًا، في ظل إصرار إسرائيل على شروط سياسية وأمنية معقدة، مقابل رفض فصائل فلسطينية التخلي عن سلاحها في الوقت الراهن.
ويرى مراقبون أن قرار وقف عمل منظمات الإغاثة قد يشكل ضربة قاسية للجهود الدولية الرامية إلى تخفيف معاناة المدنيين، ويزيد من الضغوط السياسية والإنسانية على المجتمع الدولي للتدخل بشكل عاجل.

















0 تعليق