قاسم شدّد على أن المرحلة المقبلة، وفق ما يراه "الحزب"، هي مرحلة تطبيق حرفي للقرارات الدولية المرتبطة بالجنوب، لكن من دون أن يشمل ذلك أي حديث عن السلاح شمال نهر الليطاني. هنا كان لافتاً تأكيده أنّ أحداً لا يملك الحق في مطالبة "الحزب" بأي خطوة اضافية، وأن الموضوع بالنسبة إليه يدخل في خانة الأساسيات غير القابلة للمساومة.
من الواضح أن "الحزب" يربط أي مرونة سابقة حصراً بالمنطقة الواقعة جنوب الليطاني. فحتى مسألة التفتيش التي كان يعترض عليها، قبل بها بدرجة محدودة لأنها محصورة هناك. أما شمال النهر، فخط أحمر لا يقترب منه أحد، وهذا ما أوحى به قاسم.
الأجواء التي نقلها المتابعون تفيد بأن "الحزب" أبلغ المعنيين سابقا بأنه جاهز للتعامل مع أي تطور ناجم عن قرار حكومي يطال السلاح. وهذا يعني عملياً أنه لن يتسامح مع أي محاولة تُفهم على أنها مدخل لنزع السلاح خارج جنوب النهر، بل يعتبر ذلك استهدافاً مباشراً له ولوجوده.
الأخطر في ما قيل هو تلويح غير مباشر بأن الذهاب إلى جولة جديدة من المواجهة العسكرية ليس مستبعداً إذا تحوّل ملف نزع السلاح شمال الليطاني إلى أمر واقع أو إلى ضغط جدّي. "الحزب" يتعامل مع هذا الملف كقضية وجودية، لا تحتمل التسويات ولا حتى النقاش المطوّل.
الشيخ نعيم قاسم أوحى أيضاً بأن جزءاً من القرارات أو الطروحات الحكومية قد يُفهم على أنها خدمة مجانية لإسرائيل. وهذه الإشارة، وإن لم تُطرح بعناوين صاخبة، تحمل في طياتها تصعيداً سياسياً كبيراً تجاه السلطة اللبنانية، وربما تمهّد لمرحلة شد حبال داخلي.
اللافت أن هذا الموقف لم يأتِ في سياق ردّ انفعالي، بل بدا نتيجة مسار طويل من النقاش داخل "الحزب". وهو ما يمنح الرسائل ثقلاً مضاعفاً، خصوصاً أن الشارع اللبناني يعيش تحت وطأة هواجس أمنية متزايدة.
بهذا المعنى، يمكن القول إن كلمة قاسم أغلقت باب الاجتهاد. فالنقاش حول نزع السلاح شمال الليطاني لم يعد مطروحاً من وجهة نظر "الحزب"، وأي تحرك في هذا الاتجاه سيعامل باعتباره تجاوزاً للخطوط الحمراء، مع كل ما يحمله ذلك من احتمالات وتداعيات على الساحة اللبنانية.













0 تعليق