Advertisement
هذا التحوّل بحدّ ذاته يكشف أن هناك مقاربة جديدة تتشكل، وأن ما كان مجرد ضغوط جانبية أصبح اليوم جزءًا من خط تصعيد مفتوح.
من يراقب مسار الضربات الأخيرة يلاحظ أن طبيعة الأهداف تغيّرت. فبدل السعي لضرب مواقع تُصنف عادة بالحسّاسة، اتجهت إسرائيل إلى أهداف صغيرة أو قديمة أو غير ذات قيمة عسكرية مباشرة. فبعض المنازل التي دمّرت كانت مدرجة في بنك الأهداف سابقا، وتم تفتيشها أو استهداف محيطها في مراحل سابقة. ومع ذلك، عادت إسرائيل إليها ووضعتها مجددًا في دائرة النار، في سلوك يوحي بأن بنك الأهداف الفعلي بات شبه فارغ، أو على الأقل لم يعد يحتوي على ما يمكن أن يُعتبر “ضربة ثمينة”.
هذا الواقع يظهر أيضًا في طبيعة الأشخاص الذين طالتهم بعض الاستهدافات في الايام الماضية. فبدل استهداف قادة ميدانيين أو عناصر فاعلين في البنية العسكرية للحزب، تركزت الضربات في أكثر من حالة على موظفي بلديات واتحادات بلدية، إضافة إلى عناصر سابقين خرجوا من العمل منذ فترة طويلة. وهذا يعزز الانطباع بأن الهدف ليس تحقيق إنجاز نوعي، بل الحفاظ على مشهد تصعيدي مستمر يوفر ضغطًا سياسيًا وإعلاميًا أكثر منه نتيجة ميدانية.
اللافت أن المقاربة الحالية تبدو جزءًا من محاولة إسرائيلية لإظهار أنها تتحرك بلا توقف، حتى إن لم تكن هناك مكاسب حقيقية على الأرض. فالتصعيد بذاته أصبح الهدف، وكلما ارتفع منسوبه، زاد الضغط على لبنان داخليًا وخارجيًا، خصوصًا في ظل المناخ الإقليمي المضطرب. وتعتبر مصادر سياسية أن إصرار إسرائيل على هذا الإيقاع يعود إلى رغبتها في منع أي تهدئة مجانية، وفي إبقاء الساحة اللبنانية ضمن دائرة الاهتزاز المستمر.
ومع اقتراب زيارة البابا إلى لبنان، تتزايد التوقعات بأن المرحلة المقبلة قد تشهد مستويات جديدة من التصعيد، ليس بالضرورة لارتباط مباشر بين الحدثين، بل لأن إسرائيل تسعى للاستفادة من أي لحظة سياسية حساسة لرفع وتيرة الضغط. ما يعني أن الجنوب قد يكون مقبلًا على مرحلة أكثر توترًا، وأن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان هذا التصعيد مجرد رسالة مؤقتة أم بداية لخطوات أوسع ستترك أثرًا أكبر على الساحة اللبنانية.





0 تعليق