Advertisement
ولعلّ هذا التناقض بين الخطاب العلني والمصلحة الفعلية يعكس حجم التوتر الكامن تحت السطح، حيث يحتاج الطرفان، كلٌّ منهما للآخر، ولكن بشروط وظروف لم تنضج بعد، حيث أنّ "حزب الله" لا يزال بحاجة إلى غطاء مسيحي يؤمّن له توازناً وطنياً يخفّف من حدّة المواجهة التي يخوضها على أكثر من جبهة، و"التيار" من جهته بات بأمسّ الحاجة إلى رافعة انتخابية تعيد إليه حجماً نيابياً يخشى أن يتقلّص بشكل كبير في حال خاض الاستحقاقات المقبلة منفرداً. وبالتالي، فإن القناعة المشتركة بوجود مصلحة متبادلة، لا تزال تصطدم بتباينات تكتيكية وسقف ثقة مهتزّ.
ترى مصادر سياسية متابعة أنه إذا استمر الاستقرار النّسبي الذي يعيشه لبنان حالياً، فقد يشكل ذلك عاملاً مساعداً في تطوّر هذه النقاشات إلى حوار أكثر عمقاً، يُعاد من خلاله ترتيب الأوراق وتنظيم العلاقة بطريقة جديدة تراعي الوقائع المستجدة. إلا أن التشاور الحاصل حالياً لا يتجاوز حدود إبقاء الشعرة ممدودة بين الطرفين، من دون الدخول في التزامات حقيقية. فالحزب، وإن كان حريصاً على إبقاء الباب مفتوحاً، يدرس في الوقت نفسه مدى قدرته على تعويض تفكّك التحالف مع "التيار" من خلال تحسين عدد نواب كتلته أو عبر تحالفات بديلة، فيما "التيار" يتردد بين حاجته السياسية الحتمية إلى هذا التحالف، ورغبته في الظهور بمظهر اللامبالي.
من هنا، يمكن القول إن العلاقة بين الطرفين تمرّ في مرحلة اختبار نيات، إذ لم تُحسم الخيارات ولم تُقطع الصلات، بل تُدار المرحلة بحذر شديد، في انتظار نضوج الحسابات أو تبدّل المعادلات.