كشف لقاء رفيع المستوى جمع مسعد بولس، المستشار الأمريكي الأول للشؤون العربية والإفريقية، مع رئيس منظمة Médecins Sans Frontières (أطباء بلا حدود)، الدكتور جافيد عبدالمنعم، عن نقاشات معمّقة وواقعية تناولت كواليس التدهور الإنساني المتسارع في السودان وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، في وقت تقترب فيه الأزمات من حدود غير مسبوقة-بحسب الصفحة الرسمية.
ونشرت الصفحة الرسمية للسفارة الأمريكية في الخرطوم، إنه بحسب ما رشح من أجواء الاجتماع، لم يقتصر النقاش على عرض أرقام وتقارير تقليدية، بل انصبّ على تفكيك الأسباب الحقيقية لتعثر الاستجابة الإنسانية، والفجوة الواسعة بين ما يُخطط له في العواصم السياسية وما يواجهه العاملون الإنسانيون ميدانيًا. وأكد الطرفان أن السودان بات يمثل إحدى أعقد الساحات الإنسانية عالميًا، في ظل الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية، واتساع رقعة النزوح، وصعوبة الوصول الآمن إلى ملايين المدنيين المحاصرين بالعنف وانعدام الخدمات.

وتناول الاجتماع، في جزءه الأبرز، شهادات ميدانية نقلتها منظمة أطباء بلا حدود حول الواقع الصحي في مناطق النزاع، بما في ذلك النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، واستهداف المرافق الصحية، والمخاطر المتزايدة التي يتعرض لها الطواقم الطبية أثناء أداء مهامها.
وجرى التأكيد على أن أي استجابة لا تنطلق من هذه الحقائق ستظل قاصرة، مهما بلغ حجم التمويل أو عدد المبادرات المعلنة.
وفيما يخص شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ناقش الجانبان تداخل النزاعات المسلحة مع تفشي الأمراض وسوء التغذية، وتأثير ذلك على الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما الأطفال والنساء.
وأشارت المناقشات إلى أن تشابه الأنماط بين السودان وشرق الكونغو يفرض مقاربة مختلفة، تقوم على المرونة وسرعة القرار، بدل الإجراءات البيروقراطية البطيئة.

وأكد مسعد بولس، خلال اللقاء، أن الولايات المتحدة تنظر بقلق بالغ إلى ما يجري في السودان وشرق الكونغو، وأن التنسيق مع منظمات طبية مستقلة وذات مصداقية، مثل أطباء بلا حدود، يمثل عنصرًا أساسيًا لفهم الواقع الحقيقي بعيدًا عن التقارير المجردة. وشدد على أن بلاده تسعى إلى دعم استجابة إنسانية تعكس ما يحدث فعليًا على الأرض، لا ما يُفترض أن يحدث.
من جهته، شدد الدكتور جافيد عبد المنعم على أن استمرار الفجوة بين القرار السياسي والعمل الإنساني يكلّف المدنيين أرواحهم، داعيًا إلى توفير حماية حقيقية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وضمان وصول المساعدات دون عوائق أو تسييس. وأكد أن السودان، على وجه الخصوص، يحتاج إلى تحرك دولي عاجل ومنسق قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة يصعب احتواؤها.
ويعكس هذا اللقاء، وفق مراقبين، تحولًا لافتًا في مقاربة بعض دوائر صنع القرار الأمريكي للأزمات الإنسانية في إفريقيا، من الاكتفاء بالبيانات العامة إلى الاستماع المباشر لشهادات المنظمات العاملة في خطوط النار. كما يكشف عن إدراك متزايد بأن نجاح أي استجابة إنسانية في السودان وشرق الكونغو لن يتحقق إلا عبر فهم عميق لتعقيدات الميدان، وربط الدعم السياسي بالاحتياجات الفعلية للمدنيين.

وعلق مسعد بولس، المستشار الأمريكي الأول للشؤون العربية والإفريقية، عقب إنتهاء اللقاء في تغريديه لهعلى منصة (X) قائلًا:" في لقائي مع رئيس منظمة أطباء بلا حدود، الدكتور جافيد عبد المنعم، ناقشنا تفاقم الأزمات الإنسانية في السودان وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد عززت هذه المناقشات التزامنا المشترك بتقديم المساعدة والإغاثة العاجلة للفئات الأكثر احتياجًا، وضمان أن تعكس استجابتنا الإنسانية الحقائق القائمة على أرض الواقع".















0 تعليق