في لحظات تتشابك فيها السياسة بالاقتصاد، وتتصاعد خلالها الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي، يصبح توضيح الحقائق ضرورة لا تحتمل التأجيل. 

وبينما تتداول بعض الجهات تفسيرات متباينة حول صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل، خرجت الهيئة العامة للاستعلامات لتضع النقاط فوق الحروف، مؤكدة أن ما جرى لا يتجاوز كونه اتفاقًا تجاريًا بحتًا تحكمه قواعد السوق ومصالح الاستثمار، بعيدًا تمامًا عن أي حسابات أو رسائل سياسية.

مثل هذه التعاقدات تخضع لآليات السوق العالمية

رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، شدد في بيان واضح وحاسم على أن الصفقة محل الجدل أُبرمت وفق اعتبارات اقتصادية خالصة، ولا ترتبط من قريب أو بعيد بأي تفاهمات سياسية، موضحًا أن الزج بالسياسة في هذا الملف لا يعدو كونه محاولة لتشويه الحقائق أو توظيفها في غير سياقها الطبيعي. 

وأشار إلى أن مثل هذه التعاقدات تخضع لآليات السوق العالمية، شأنها شأن عشرات الاتفاقات المشابهة في قطاع الطاقة حول العالم.
وأوضح رشوان أن أطراف الاتفاق ليست حكومات أو كيانات سيادية، بل شركات طاقة دولية كبرى تعمل منذ سنوات في هذا المجال، من بينها شركة «شيفرون» الأمريكية، إلى جانب شركات مصرية متخصصة في استقبال ونقل وتداول الغاز. 

التعاقدات تمت دون أي تدخل حكومي مباشر

وأكد أن هذه التعاقدات تمت دون أي تدخل حكومي مباشر، ما يعكس الطبيعة التجارية البحتة للصفقة، ويؤكد التزام مصر بقواعد الاقتصاد الحر والاستثمار الدولي.

الاتفاق يأتي في إطار رؤية استراتيجية أوسع للدولة المصرية

وفي السياق ذاته، لفت رئيس الهيئة العامة للاستعلامات إلى أن الاتفاق يأتي في إطار رؤية استراتيجية أوسع للدولة المصرية، تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز في منطقة شرق المتوسط. 

وهذه الرؤية تستند إلى بنية تحتية قوية ومتكاملة، تشمل محطات إسالة متطورة، وشبكات نقل حديثة، وقدرات تخزين وتداول تُمكّن مصر من استقبال الغاز من أكثر من مصدر، ومن ثم إعادة تصديره أو استخدامه وفق احتياجاتها الوطنية.

وأضاف أن امتلاك مصر لهذه البنية المتقدمة يمنحها مرونة كبيرة في إدارة ملف الطاقة، ويتيح لها تنويع الشراكات دون الوقوع تحت أي ضغوط أو قيود، وهو ما يعزز من قدرتها على اتخاذ قرارات اقتصادية مستقلة تخدم مصالحها العليا. 

استمرار تشغيل محطات الإسالة وتعظيم الاستفادة منها

كما أشار إلى أن استمرار تشغيل محطات الإسالة وتعظيم الاستفادة منها يمثل عنصرًا مهمًا في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة العوائد من قطاع الطاقة.

وفي تحذير واضح، دعا رشوان إلى عدم الانسياق وراء الحملات الدعائية المغرضة التي تحاول إلباس الاتفاق التجاري ثوبًا سياسيًا، مؤكدًا أن توقيت الإعلان عن الصفقة لا يغير من جوهرها أو طبيعتها، كونها نتاج مفاوضات تجارية بدأت منذ فترة طويلة وفقًا لقواعد السوق.

وفي ختام حديثه، أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابت لا يتزحزح، ويقوم على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض التهجير القسري، والتمسك بحل الدولتين. 

وأوضح أن التحركات الدبلوماسية المصرية لعبت دورًا محوريًا في إحباط مخططات التهجير، وفتح مسار إعادة إعمار قطاع غزة، وهو ما يعكس اتساق السياسة المصرية أخلاقيًا وسياسيًا، بعيدًا عن أي خلط متعمد بين الملفات الاقتصادية والمواقف الوطنية الثابتة.