- الابتعاد عن «التوكسيك» وتجنب الرغبة الدائمة فى الانتصار
- الاحترام والتقدير والثقة المتبادلة ومشاركة المسئوليات والمرونة فى التعامل
- الخلاف فى الرأى طبيعى لكن التعنت من أى طرف يُحوّل الزواج إلى صراع دائم
- الذكاء هو القدرة على شرح القرار وإقناع الشريك به بهدوء وود دون فرض أو إهانة
فى أى مجتمع تبقى العلاقات الزوجية من أعقد الروابط الإنسانية، إذ تجمع بين الحب والمودة والتعاون، لكنها قد تواجه فى كثير من الأحيان صعوبات قد تتصاعد أحيانًا إلى العنف النفسى أو الجسدى، إذا غابت أسس التواصل والتفاهم.
وشهدت مصر خلال الفترة الأخيرة حدوث أكثر من حالة عنف زوجى، وصلت إلى حد القتل، كان آخرها قضية «كريمة» التى قُتلت على يد زوجها وهى حامل فى محافظة المنوفية، وقبلها العديد من الوقائع المشابهة.
بدورها، توجهت «الدستور» إلى عدد من خبراء العلاقات الأسرية والاستشاريين النفسيين، لوضع روشتة لحل الخلافات الزوجية قبل الوصول إلى محطة اللا عودة، فأكدوا جميعًا أن العنف بين الزوجين ليس الحل، وأن التعامل الواعى والمدروس هو السبيل لبناء أسرة مستقرة وسعيدة، مشيرين إلى أن الكثير من المشكلات الزوجية تبدأ من الجهل فى اختيار الشريك، أو فرض الزواج على الفتاة، أو عدم التأهيل النفسى والاجتماعى للمقبلين على الزواج.
«نرجسية وتوتر وعنف».. كل المشكلات تبدأ بـ«الاختيار السيئ»
رأت الدكتورة ريهام عبدالرحمن، استشارى العلاقات الأسرية، أن معظم المشكلات الزوجية يعود إلى الجهل بكيفية اختيار شريك الحياة، وعدم الوعى الكافى بصفات الزوج والزوجة المثاليين، معتبرة أن الأسر تتحمل جزءًا من المسئولية فى توجيه أبنائها، وتجنب إجبار الفتاة على الزواج، وترك الحرية لها لاختيار شريك حياتها بعناية.
وأضافت استشارى العلاقات الأسرية: «الاختيار الصحيح للشريك لا يعتمد فقط على الانجذاب أو المظهر الخارجى، بل يشمل الوعى النفسى والاجتماعى، والتوافق فى القيم والأهداف المستقبلية، والقدرة على التواصل بفاعلية وحل الخلافات دون عنف أو سيطرة».
وبينت أن هناك صفات محددة يجب الابتعاد عنها عند اختيار الشريك التى تتضمن: السيطرة المفرطة، والنرجسية، والتلاعب النفسى، والعنف اللفظى أو الجسدى، وعدم القدرة على التواصل بصدق.
وفى المقابل، شددت على أهمية التعرف على الصفات الإيجابية، مثل: التفهم، والاحترام المتبادل، والقدرة على الحوار وحل النزاعات، والصبر، لكونها عوامل رئيسية فى استقرار العلاقة الزوجية على المدى الطويل.
أما الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، فقال إن الشخصية النرجسية أو «التوكسيك» تبنى قيمتها على نظرة الآخرين لها، وتعيش دائمًا على شعور التفوق والسيطرة، لكنها فى الحقيقة شخصية هشة تميل للاستغلال والخداع والتقليل من الآخرين.
وأضاف «فرويز»: «النرجسى يستمد شعوره بالقوة من ضعف المحيطين به، ولا يحتمل المنافسة أو المساواة، بل يسعى دائمًا لأن يكون فى موقع التفوق الذى يتوهمه. كما أنه يستخدم- فى كثير من الأحيان- تزييف الحقائق أو تشويه الوقائع للحصول على مُبتغاه، بغض النظر عن الضرر الذى قد يلحق بالآخرين».
وواصل استشارى الطب النفسى: «هذا السلوك يعكس اضطرابًا نفسيًا متجذرًا منذ مرحلة التربية الأولى، إذ يشعر النرجسى بالنقص فى أعماقه، ويعوّضه بتضخيم الذات، والاعتماد على الإطراء المستمر من المحيطين به».
وعن أبرز سمات الزوج «التوكسيك» و«النرجسى»، قال «فرويز»: «الإحساس بالعظمة وتضخيم الذات، إذ يرى نفسه فوق الجميع، ويعتبر نفسه الأحق والأفضل دون مبررات حقيقية، إلى جانب الحاجة الدائمة للإعجاب والتقدير، فهو يعتمد على مدح الآخرين كوقود نفسى، وعندما يقل الإعجاب يبدأ الشعور بالنقص أو التهديد».
وأضاف: «هذا الزوج يستغل الآخرين كأدوات لتحقيق أهدافه، دون اعتبار للمشاعر الإنسانية، مع التقليل المستمر من الشريك أو المحيطين لتأكيد التفوق، علاوة على الرغبة فى السيطرة والتحكم فى كل جوانب الحياة، سواء مباشرة أو عن طريق الضغط النفسى».
وواصل: «يتميز هذا الزوج، كذلك، بإلقاء اللوم، والتهرب من المسئولية ولوم الآخرين، والإنكار المستمر للخطأ، والانفجار عند غياب التقدير أو الانتقاد، وهو ما يؤدى إلى جو من التوتر المستمر داخل العلاقة».
وأكمل «فرويز»: «هذه الشخصية قد تبدو جذابة فى البداية، لكنها تكشف عن سمات سامة مع مرور الوقت، تدمر العلاقة العاطفية، وتؤدى إلى الصراعات المستمرة، والعنف النفسى والجسدى».
متى يكون الطلاق حلًا أمثل؟
يُعد الانفصال فى بعض الحالات الخيار الأمثل للحفاظ على الصحة النفسية والطاقة العاطفية لكل طرف، خاصة إذا استمرت المشكلات أو العنف النفسى أو الجسدى، أو إذا فشلت جميع محاولات الإصلاح والتواصل، ويؤكد الخبراء أن اتخاذ قرار الانفصال لا يعنى فشل الشخص، بل يمثل خطوة مسئولة لحماية النفس وضمان مستقبل أفضل، سواء للأبناء أو للطرفين. وينبغى أن يكون القرار مبنيًا على تقييم واعٍ للعلاقة، ومحاولة جميع الحلول المتاحة لحل النزاعات، واستشارة المتخصصين فى العلاقات الأسرية، لضمان أن يكون القرار مستندًا إلى المنطق وليس انفعالًا عابرًا أو ضغوطًا خارجية، وفى بعض الحالات يكون الانفصال مؤقتًا أو بهدوء «الهجر الجميل»، أى الابتعاد عن الصراعات دون فضح الأسرار أو التجريح، للحفاظ على احترام الطرفين واستقرار الأسرة فى حدود الإمكان.
الاستماع إلى الشريك بفاعلية.. والتعاون المشترك لحل أى طارئ
أكد الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن العلاقة الصحية تقوم على الثقة المتبادلة، ومشاركة المسئوليات، والمرونة فى التعامل، والاحترام، والتقدير، والشفافية فى اتخاذ القرارات، مشددًا على أن «الخلاف فى الرأى طبيعى، لكن التعنت من أى طرف يحوّل الحياة الزوجية إلى صراع دائم».
ورأى «هانى» أن الذكاء فى العلاقة هو القدرة على شرح القرار، وإقناع الشريك به بهدوء وود دون فرض أو إهانة، مع مشاركة التفكير والقرارات المالية والمعيشية لتجنب الجرح النفسى وفقدان الثقة، مضيفًا: «كما أن العلاقة الزوجية رحلة مشتركة تتطلب احترامًا متبادلًا، وتقديرًا للجهد المبذول من الطرفين، لضمان استقرار الأسرة ومصلحة الأبناء».
وقال محمود علام، استشارى العلاقات الأسرية، إن ديناميكيات العلاقة بين الزوجين تحدد جودة الحياة داخل الأسرة، معتبرًا أن أى زوجين بإمكانهما تحسين العلاقة إذا كانت سلبية، من خلال الاهتمام بالاستماع للشريك، والتواصل الفعّال، والتركيز على حل المشكلات، والتعامل مع التوتر بشكل صحيح، وعدم تجنب الخلافات، وتجنب التقليل من شأن الشريك، ومشاركة المشاعر بصدق.
وأضاف «علام»: «الاستماع الفعّال يعنى فهم الصورة الكاملة للشريك، وتجنب التفسيرات المبسطة، ما يعزز التعاطف والتفاهم. والتعاون المشترك يهدف إلى حل المشكلات، وليس إثبات الانتصار، ما يحول ديناميكيات العلاقة من سلبية إلى إيجابية».
وأضاف استشارى العلاقات الأسرية: «مشاركة المشاعر تساعد فى التخفيف من العبء العاطفى، وتمكن الشريك من فهم الآخر بشكل أعمق، وبالتالى تعزيز التعاطف والثقة المتبادلة».
أما الدكتور أيمن أبوعمر، من علماء الأزهر الشريف، فقال إن الله سبحانه وتعالى جعل الكون مبنيًا على الجمال، وكل تصرفات الإنسان يمكن أن تكون منطلقًا للجمال إذا أُديرت بحكمة وإحسان، مؤكدًا أن علاقة الزوجين يجب أن تكون بالمعروف، سواء فى التعامل اليومى أو فى الاختلافات، فأعلى درجات الدين تكمن فى الإحسان، أى مراعاة الله فى كل تصرفاتنا، حتى عند الخلاف أو الانفصال.
وأشار «أبوعمر» إلى مفهوم «الصبر الجميل»، وهو التحمل الراقى للمصاعب دون جزع أو شكوى، مع إدراك أن كل موقف صعب يحمل فرصة للتعلم والنمو الروحى، قبل أن يتطرق أيضًا إلى «الصفح الجميل»، أى العفو عن الآخرين دون انتظار اعتذار أو تقدير، و«الهجر الجميل» الذى يعكس الاحترام والحكمة فى الابتعاد عن الخصومات.
واختتم العالم الأزهرى بقوله: «المعاشرة بالمعروف تشمل كل تفاصيل الحياة الزوجية، من المصافحة والحديث إلى الاختلافات والتعامل مع المشكلات اليومية، وهى المبادئ التى تعزز الاستقرار الأسرى والصحة النفسية للأبناء».
«مودّة».. مشروع الحكومة لتأهيل المقبلين على الزواج
فى إطار الحد من معدلات الطلاق، وتعزيز استقرار الأسرة، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى مبادرة «مودة»، فى مارس ٢٠١٩، بعد إعلان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن وصول معدلات الطلاق إلى ١٩٨٫٢٦٩ ألف حالة.
المبادرة تهدف إلى تأهيل الشباب المقبل على الزواج، فى الفئة العمرية من ١٨ إلى ٢٥ عامًا، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لبناء أسرة صحية ومستقرة.
وتقدم المبادرة مجموعة من البرامج التوعوية والتأهيلية التى تشمل ورش العمل، والمحاضرات، والدعم النفسى والاجتماعى، بهدف تجهيز الشباب للتعامل مع التحديات الزوجية، وحل أى خلافات محتملة بطرق عقلانية وهادئة.
كما تعمل المبادرة على دعم مكاتب فض المنازعات الأسرية، ومراجعة التشريعات التى تحمى حقوق الزوجين والأطفال، مع تأكيد أهمية التفاهم، والاحترام، والمشاركة فى القرارات الأسرية.
وتشدد المبادرة على أن الزواج رحلة مشتركة تتطلب وعيًا، وتحضيرًا، وتوافقًا بين الطرفين، لتجنب الصراعات والطلاق، وتعزيز وحدة الأسرة.
أسئلة آرثر آرون الـ36 لتعميق الحب والمودة
طوّر عالم النفس آرثر آرون، وزملاؤه، مجموعة من الأسئلة بهدف تعزيز المشاعر الحميمية بين الزوجين، وخلق تواصل أعمق يقوم على الإفصاح المتبادل والمشاركة العاطفية. وتعتمد الفكرة على الانفتاح للآخر، والإفصاح عن الذات، بما يشمل المخاوف والطموحات والأحلام، دون شعور بالخجل أو الإحراج.
تتوزع هذه الأسئلة على ثلاث مجموعات، تبدأ بالأسئلة السطحية لكسر الجليد، ثم الأسئلة المتوسطة التى تغوص فى القيم والتجارب الشخصية، وصولًا إلى أسئلة المكاشفة والاتصال الروحى التى تعزز الثقة والحميمية، يُنصح بالإجابة عن سؤالين يوميًا، مع التدرج فى التعمق، واستخدام أسئلة إضافية مثل: «لماذا؟» و«كيف؟» لتوضيح الإجابة.
تساعد هذه الأسئلة الأزواج فى فهم بعضهم بعضًا بشكل أعمق، واكتشاف القيم المشتركة، وتعزيز الحب والمودة بشكل علمى وممنهج.
المجموعة الأولى: كسر الجليد والاستكشاف
إذا كان بإمكانك اختيار أى شخص فى العالم، من ستختار ليكون ضيفك على العشاء؟
هل ترغب فى أن تكون مشهورًا؟ وبأى طريقة؟
قبل إجراء مكالمة هاتفية، هل تفكر مليًا فيما ستقوله؟ ولماذا؟
ماذا يمثل «اليوم المثالى» بالنسبة لك؟
متى كانت آخر مرة غنيت فيها لنفسك؟ ومتى غنيت لشخص آخر؟
لو قُدر لك العيش حتى سن التسعين، وكان بإمكانك الاحتفاظ إما بعقل أو بجسد شخص فى الثلاثين لآخر ٦٠ عامًا من عمرك، فماذا تختار؟
إذا كان بإمكانك تغيير أى شىء فى الطريقة التى نشأت بها، فماذا ستختار؟
خذ ٤ دقائق، وأخبر شريكك بقصة حياتك بأكبر قدر ممكن من التفاصيل.
إذا استيقظت غدًا بمهارة أو قدرة جديدة، فماذا تود أن تكون؟
هل لديك حدس داخلى حول الطريقة التى ستموت بها؟
اذكر ثلاثة أشياء مشتركة بينك وبين شريك حياتك.
ما أكثر شىء فى حياتك تشعر بامتنان شديد تجاهه؟
المجموعة الثانية: الغوص فى التفاصيل والقيم
لو كانت هناك كرة بلورية تخبرك بالحقيقة عن نفسك، حياتك، أو مستقبلك، ماذا ستسأل؟
هل هناك شىء تحلم بالقيام به منذ فترة طويلة؟ ولماذا لم تفعله حتى الآن؟
ما أعظم إنجاز حققته فى حياتك؟
ما أكثر شىء تقدّره فى الصداقة؟
ما أغلى ذكرى لديك؟
ما أسوأ ذكرى مرت عليك؟
لو علمت أنك ستموت فجأة بعد عام، هل ستغير طريقة عيشك الحالية؟ ولماذا؟
ماذا تعنى الصداقة بالنسبة لك؟
ما الدور الذى يلعبه الحب والعاطفة فى حياتك؟
اذكر ٥ صفات إيجابية تراها فى شريك حياتك.
ما مدى دفء وترابط عائلتك؟ وهل كانت طفولتك أسعد من غيرك؟
كيف تصف علاقتك بوالدتك؟
المجموعة الثالثة: المكاشفة والاتصال الروحى
أنشِئ ثلاث جمل تبدأ بكلمة «نحن»، مثل: «نحن فى هذه الغرفة نشعر بـ...»
أكمل هذه العبارة: «أتمنى لو كان لدى شخص أشارك معه...»
إذا كنت ستصبح صديقًا مقربًا لشريكك، فما الشىء المهم الذى يجب أن يعرفه عنك؟
أخبر شريكك بما يعجبك فيه بكل صراحة «أشياء قد لا تقولها لشخص عرفته للتو».
شارك شريكك موقفًا محرجًا تعرضت له فى حياتك.
متى كانت آخر مرة بكيت فيها أمام شخص؟ ومتى بكيت وحدك؟
أخبر شريكك بشىء تحبه فيه بالفعل فى هذه اللحظة.
ما الموضوع، إن وجد، الذى تراه جادًا لدرجة لا تسمح بالمزاح عنه؟
لو كنت ستموت الليلة دون فرصة للتواصل مع أحد، ما الشىء الذى ستندم لأنك لم تقله لشخص ما؟ ولماذا لم تقله حتى الآن؟
منزلك يحترق، بعد إنقاذ أحبائك وحيواناتك، لديك وقت لإنقاذ شىء واحد فقط. ما هو؟ ولماذا؟
من بين جميع أفراد عائلتك، موت من سيكون الأكثر إيلامًا لك؟ ولماذا؟


















0 تعليق