النفوذ الروسي يتمدد في الساحل.. والأزمة الإنسانية تتعمق

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تشهد منطقة الساحل الإفريقي واحدة من أعقد المراحل الأمنية والسياسية منذ عقدين، إذ تداخلت فيها أنشطة الجماعات المتطرفة مع توسع نفوذ الجهات العسكرية الخارجية وعلى رأسها مجموعة فاغنر، التي أعادت موسكو هيكلتها بعد مقتل مؤسسها يفغيني بريغوجين. 

ورغم تغيّر الاسم إلى "فيلق أفريقيا" التابع رسميًا لوزارة الدفاع الروسية، بقيت الديناميكيات على الأرض على حالها: عنف متصاعد، تمدد عسكري خارجي، وتراجع مستمر في قدرة الدول المحلية على السيطرة.

فاغنر بلا قائد


منذ مقتل بريغوجين، استمر آلاف المقاتلين الذين شكلوا نواة نشاط فاغنر في أفريقيا، لا سيما في مالي التي باتت مركز ثقل للمرتزقة الروس، أعادت موسكو تنظيم المجموعة عبر دمجها في الجيش الروسي، مانحة إياها غطاءً رسميًا تحت مسمى "فيلق أفريقيا"، ورغم هذا، ظلت أساليب العمل ثابتة: عمليات ميدانية قاسية، انتهاكات ضد المدنيين، وصمت حكومي محلي يشرعن الوجود الروسي بذريعة مكافحة الإرهاب.
رواتب خفضت، قيادة تغيّرت، وأدوار أعيد توزيعها، لكن تأثير المرتزقة بقي حاضرًا بفعل تداخلهم مع الأجهزة الأمنية المحلية في بلد يعاني فراغًا حكوميًا ومؤسسيًا حادًا.


الساحل.. أخطر بؤرة للتطرف عالميًا


تحول الساحل الغربي إلى أخطر منطقة في العالم بالنسبة للمدنيين. تتزايد الهجمات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وتتحرك التنظيمات المرتبطة بالقاعدة وداعش في جغرافيا واسعة شبه بلا قيود.
مع تدهور الثقة بين الدول العسكرية الحاكمة والشركاء الغربيين، وجدت موسكو بابًا مفتوحًا، دخل فاغنر إلى قلب العمليات الأمنية، وبدأ آلاف المدنيين الفرار نحو موريتانيا مع تصاعد الهجمات والقتل العشوائي.
شهادات اللاجئين تشير إلى اعتداءات متكررة، وخطف، وفوضى أمنية لا يمكن تحديد أطرافها بدقة، في ظل تداخل التجمعات المسلحة مع عناصر من فيلق أفريقيا.


إعلام روسي يصف "الحماية".. وواقع ميداني أكثر قسوة


تنفي الحكومات العسكرية في الساحل اعترافها المباشر بوجود فاغنر، لكن الإعلام الروسي الرسمي قدّم رواية مضادة عام 2025 تزعم نجاح فيلق أفريقيا في حماية مالي. 
وبينما تظهر الرواية الرسمية كخطاب سياسي محسوب، كانت التقارير الحقوقية تشير إلى انتهاكات واسعة وعمليات عسكرية تستهدف المدنيين في الشمال والوسط، حيث تتركز ثروات الذهب.
تقارير بحثية غربية أكدت كذلك أن الفيلق يضم مقاتلين من روسيا وبيلاروسيا ودول أفريقية، ما جعله كيانًا عسكريًا مختلطًا يصعب إخضاعه لأي شكل من الرقابة القانونية.


3 مسارات تحدد الأزمة في الساحل


1. المسار الأمني
دمج فاغنر في الجيش الروسي لم يقلل من مستوى العنف، بل زاد حدته، خبرة المقاتلين، وضعف الجيوش المحلية، واتساع رقعة العمليات، جعلت المدنيين الحلقة الأضعف في نزاع متعدد الأطراف. 
كثافة الهجمات المشتركة في شمال مالي جعلت المنطقة من أكثر بقاع العالم دموية.
2. المسار السياسي
تعمّق التوجه نحو روسيا على حساب الشراكات الغربية، وأصبح النفوذ الروسي جزءًا مؤثرًا في صنع القرار العسكري داخل الدول الثلاث. 
غياب الشفافية عن العمليات وحجم الوجود العسكري الأجنبي يعزز احتمالات نشوب صراعات نفوذ دولية في المنطقة، ويزيد هشاشة الحكومات القائمة على الانقلابات.
3. المسار الإنساني
النزوح الواسع نحو موريتانيا، انهيار الخدمات، وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان، جعلت الأزمة الإنسانية جزءًا ثابتًا من المشهد، صعوبة وصول الإغاثة إلى عمق الصحراء وتراجع الحضور الدولي الميداني أديا إلى تفاقم الوضع، ومع اعتبار فيلق أفريقيا "تشكيلًا رسميًا روسيًا" وفق القانون الدولي، فإن أي جرائم تثبت ضده يمكن أن تنسب مباشرة إلى الدولة الروسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق