شهر رمضان 2026 على الأبواب.. ورجب 1447 يبدأ في هذا الموعد.. تفاصيل

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حين يطلّ هلال رجب على الأفق، يتنفس التاريخ أنفاسه بين القديم والحديث، فيتجلى شهر السلام والروحانية على صفحات العرب قبل الإسلام، حاملاً أسماءً وأساطير تعكس احترام الإنسان للطبيعة والزمن وارتباطه بالسماء والأرض، بخصوص شهر رمضان.

رجب.. شهر السكينة والقداسة بين الجاهلية والإسلام

ويُعدّ شهر رجب من الأشهر الحرم لدى العرب، وقد صمدت قدسيته منذ الجاهلية وحتى ظهور الإسلام، محمّلاً بذكريات اجتماعية ودينية عميقة. وفق الحسابات الفلكية، يُتوقع رؤية هلاله مباشرة بعد الاقتران الساعة 03:45 قبل فجر يوم السبت 29 جمادى الآخرة 1447 هجرياً، الموافق 20 ديسمبر 2025، لتكون غرة رجب فلكياً يوم الأحد 21 ديسمبر 2025، وفيما يتعلق بشهر رمضان.

عرف العرب هذا الشهر بأسماء متعددة تعكس مكانته وأثره الروحي والاجتماعي؛ فكان يُسمّى "رجب الأصم" لوقف القتال، و"رجب مضر" نسبة لقبيلة مضر التي حرصت على تعظيمه، و"الأصب" للتعبير عن تصبّ الرحمة فيه، و"منصّل الأسنّة" لأنه شهر يرفع فيه السلاح احترامًا للقدسية. جميع هذه المسميات تجتمع على فكرة واحدة: السلام، وفيما يخص بشهر رمضان.

أصل الاسم يعود إلى "الترجيب" أي التعظيم، ويقول العلماء إن الحروف الثلاثة في "رجب" ترمز إلى رحمة الله وجوده وبرّه. العرب القحطانيون كانوا يستخدمون أسماء قديمة للشهور، إلا أن العدنانيين هم من رسخوا اسم "رجب" المتداول حتى اليوم.

تثبيت هذا الشهر في التقويم دون تغيير

تُظهر كتب التاريخ أن قبيلة مضر حرصت على تثبيت هذا الشهر في التقويم دون تغيير، بينما كانت قبائل أخرى تتلاعب في ترتيب الأشهر حسب مصالحها الحربية. ووفقاً لخطبة النبي ﷺ في حجة الوداع، جاء التوضيح ليُميز رجب مضر بينه وبين رجب ربيعة الذي كان يُطلق على رمضان.

في الجاهلية، ارتبط رجب بعادات خاصة مثل العتيرة وهي تقديم ذبائح لتكريم الشهر، ومنصّل الأسنّة، ومنع القتال، والزيارات الدينية والشعائر الروحانية، ما أضفى عليه طابعاً من السلام والسكينة. أما في الوعي الإسلامي، فارتبط رجب بالإسراء والمعراج، حيث أُسري بالنبي ﷺ من مكة إلى القدس ثم عُرج به إلى السماء، مما أعطاه بعداً روحياً عميقاً.

شهر رجب 1447 الهجري شاهدًا على عبق التاريخ وقيمة الوقت 

مع اقتراب هلال رمضان لعام 2026، يظل شهر رجب 1447 الهجري شاهدًا على عبق التاريخ وقيمة الوقت عند العرب والمسلمين، إذ يجسد مرحلة انتقالية بين الطقوس الجاهلية والإيمان الإسلامي، ويجمع بين السلم والقداسة والتقوى، وفي هذا الشهر تتوقف الأسنة عن القتال، وتُرفع السيوف احترامًا للزمن، بينما تتضاعف الشعائر الروحية، ويُغرس في النفوس درس الصبر والرحمة والجود. 

وكذلك، يُذكّر رجب المسلمين بقصة الإسراء والمعراج، ويحفزهم على التأمل في معاني الرحمة الإلهية والارتقاء الروحي، ورجب ليس مجرد شهر عابر، بل هو رمز متجدد للسلام الداخلي والتواصل الروحي بين الإنسان وخالقه، ويمهّد الطريق لاستقبال رمضان، شهر الصيام والقيام، بكل خشوع ووعي، مذكّرًا أن الزمن قد يحمل بين أيامه رسائل خفية للسلام، والتقوى، والتآلف بين البشر، وأن احترام الأشهر الحرم هو امتداد لموروث حضاري عميق ما زال يعيش في وجدان الأمة العربية والإسلامية حتى اليوم.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق