قبل أن تشرق الشمس يخرج حمادة الصعيدي أحد أبناء مدينة بلطيم إلى ورشته الصغيرة التي يقتات منها منذ سنوات طويلة حيث يصنع أقفاص الفاكهة والخضروات من شجر الجريد مهنة ورثها عن آبائه لكنها تتراجع يومًا بعد يوم أمام الانتشار الواسع للأقفاص البلاستيكية الحديثة
تعد مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ إحدى أهم القلاع في إنتاج الخضروات والفواكه ما يجعل صناعة الأقفاص جزءًا أساسيًا من دورة الزراعة والتسويق ورغم أهمية أقفاص الجريد في نقل الثمار وحمايتها إلا أن المهنة باتت تواجه خطر الأنهيار
يقول حمادة الصعيدي " عمري كله في المهنة زمان كانت مربحة والدنيا ماشية لكن بعد ظهور الأقفاص البلاستيك بقينا بنشتغل بالعافية، بس بنقول الحمد لله ."
ويضيف محمد الصعيدي أحد شيوخ المهنة " اتعلمت الشغلانة من أخويا وهو من أبويا وكل العيلة شغالة فيها لكن لو الزمن يرجع بيا كنت أدور على مهنة تانية بسبب الظروف الصعبة اللي بتعدي علينا دلوقتي ."
أما الحاج محمود، تاجر الأقفاص فيوضح حجم الأزمة
"الأول كنت بشتري كميات كبيرة من أقفاص الجريد وتتباع فورًا دلوقتي بعد البلاستيك الشغل وقف خالص وإحنا عايشين على أمل يرجع الحال زي الأول لإنه مصدر رزقنا الوحيد ."
وتعود صناعة أقفاص الجريد إلى آلاف السنين وتتركز في مدن وقرى زراعة الجريد مثل بلطيم وبرج البرلس بمحافظة كفر الشيخ ومدينة رشيد بمحافظة البحيرة إلا أن هذه الحرفه العريقة أصبحت اليوم على حافة الانقراض مع غزو المنتجات البلاستيكية الرخيصة.
ويؤدي تراجع المهنة إلى زيادة البطالة بين العاملين وإغلاق عدد من الورش وهجرة أصحاب الحرفة إلى أي عمل آخر يوفر قوت يومهم خاصة مع ارتفاع أجور العمال وقلة الطلب



ويطالب العاملون في المهنة بتنظيم السوق بحيث تُخصص الأقفاص البلاستيكية لبعض الأصناف بينما تُخصص أقفاص الجريد لأصناف أخرى بما يحقق التوازن ويحافظ على مصدر رزقهم كما يناشدون المسؤولين توثيق عقود توريد مع التجار والوكلاء لضمان استمرار عمل الورش وعدم توقفها
ورغم التحديات الكبيرة ما تزال أقفاص الجريد جزءًا أساسيًا من منظومة الزراعة في كفر الشيخ وحرفة تراثية لكونها الأكثر قدرة على حفظ الثمار أثناء النقل والتسويق ويأمل أصحاب المهنة أن تبقى هذه الصناعة قائمة وأن تحظى بالدعم الكافي كي لا تختفي إلى الأبد
















0 تعليق