ابتكر باحثون من جامعة كوليدج لندن (UCL) فحصًا متقدّمًا يتيح الكشف بدقة غير مسبوقة عن السبب الخفي وراء ارتفاع ضغط الدم لدى ملايين المرضى.
ويعتمد الفحص الجديد على تقنية تصوير عالية الدقة تكشف فرط إنتاج هرمون الألدوستيرون، أحد أكثر العوامل التي تُهمل غالبًا في التشخيص التقليدي.
ابتكار يختصر رحلة تشخيص معقّدة
على مدار عقود، ظل الكشف عن الألدوستيرونية الأولية معقدًا ومكلفًا، إذ يتطلب فحوصات متتابعة وإجراءات تدخلية دقيقة لا تُجرى إلا نادرًا.
ورغم أنّ ما يقرب من ربع مصابي ارتفاع الضغط يعانون من زيادة إنتاج هرمون الألدوستيرون، إلا أن الوصول إلى التشخيص الصحيح كان يمثل تحديًا كبيرًا.
التقنية الجديدة تعتمد على فحص PET-CT الذي يوفر صورًا ثلاثية الأبعاد توضح تراكم مركب تتبع إشعاعي يرتبط بإنزيم "سينثاز الألدوستيرون" المسؤول عن إنتاج الهرمون.
هذا الترابط يكشف بوضوح موضع الخلل في الغدد الكظرية، ما يختصر طريقًا تشخيصيًا كان يتطلب أيامًا وربما أسابيع.
تحديد مصدر الخلل بدقة غير مسبوقة
خلال أول تجربة سريرية أُجريت على 17 مريضًا في مستشفى UCL، تمكن الفريق من تحديد مصدر فرط إنتاج الألدوستيرون بدقة عالية وبدون أي آثار جانبية.
وظهرت الغدد المصابة وكأنها "تتوهج" داخل الصور، مما منح الأطباء القدرة على رؤية المرض للمرة الأولى بشكل مباشر.
البروفيسور برايان ويليامز، رئيس قسم الطب في UCL، أكد أنّ هذا الابتكار "لحظة فارقة" في تشخيص ارتفاع ضغط الدم، مضيفًا:و"لقد انتظرنا اختبارًا كهذا لعقود.
هذه التقنية ستغيّر قواعد اللعبة وتمكّننا من تقديم علاج أكثر دقة وفاعلية."
فحص لا يستغرق سوى عشر دقائق
يمتاز الفحص بأنه سريع لا يتجاوز عشر دقائق، ويحدّد ما إذا كان فرط الهرمون ناتجًا عن غدة واحدة أو كلتيهما.
وتفتح هذه الدقة بابًا واسعًا أمام خيارات علاجية أكثر وضوحًا مثل:
إزالة الغدة المصابة جراحيًا في حال كان مصدر الخلل أحاديًا.
علاج دوائي نوعي يستهدف مسار إنتاج الألدوستيرون لدى المرضى الذين يعانون من فرط ثنائي الجانب.
هذا التحديد الدقيق قد ينقذ مرضى كثيرين من عمليات غير ضرورية أو فحوصات مرهقة.
نقلة جديدة نحو اعتماد الفحص عالميًا
يستعد الفريق البحثي الآن لإطلاق تجربة سريرية من المرحلة الثانية تهدف إلى جمع بيانات أوسع تمهيدًا لاعتماد الفحص داخل هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، ومن ثم تقديمه كفحص روتيني في المستقبل.
الدراسة التي وصفت الابتكار نُشرت في مجلة نيو إنغلاند الطبية، إحدى أهم الدوريات العلمية في العالم، ما يعزز فرص اعتماد التقنية عالميًا خلال السنوات القادمة.










0 تعليق