تُعد لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) واحدة من أعتى جماعات الضغط في الولايات المتحدة منذ أكثر من نصف قرن.
ما هي لجنة أيباك؟ ولماذا تعد الأقوى في واشنطن؟
تمتاز بقدرتها على توجيه التمويل السياسي، والتأثير على التشريعات المتعلقة بإسرائيل، وتحديدًا تأمين دعم أمريكي عسكري واقتصادي غير مشروط لها.
وتعتبر أيباك، تقليديًا، بوابة النفوذ في الكونجرس، حيث تعتمد عليها أجيال من السياسيين الأمريكيين لبناء شبكة تحالفات، ولضمان دعم القاعدة المانحة في الانتخابات، لكن هذا النفوذ يواجه اليوم أكبر أزمة في تاريخه.
موجة انسحاب ديمقراطية… مؤشر على تحول تاريخي
شهدت الأسابيع الأخيرة قرارًا لافتًا من عدد متزايد من المشرعين الديمقراطيين بإعلانهم رفض تبرعات أيباك، بعد سنوات من اعتمادهم عليها كممول رئيسي لحملاتهم.
من بين أبرز المنسحبين:
مورغان ماكغارفي (كنتاكي)
ديبورا ك. روس (نورث كارولينا)
فاليري ب. فوشي (نورث كارولينا)
ويمثل هذا التراجع تحولًا جذريًا في علاقة الديمقراطيين بجماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل، والتي كانت لسنوات تُنظر إليها كـ "حتمية سياسية" لأي عضو في الكونغرس.
وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن هذا الانسحاب يتزامن مع تغير جذري في الرأي العام الأميركي بشأن إسرائيل، وخصوصًا بعد الحرب المستمرة على غزة، وتراجع الدعم الشعبي للحكومة الإسرائيلية.
تراجع غير مسبوق في رحلات أيباك… من 24 نائبًا إلى 11 فقط
تُعد الرحلة السنوية التي تنظمها أيباك إلى إسرائيل أداةً محورية لتشكيل رؤية النواب الجدد تجاه إسرائيل.
لكن الحضور هذا العام انخفض بشكل كبير، ففي عام 2023، شارك 24 نائبًا ديمقراطيًا، وفي عام 2025، شارك 11 نائبًا فقط من أصل 33.
حتى زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز، الذي كان من أكثر الحضور ثباتًا، تخلى عن الرحلة هذا العام. بل إن بعض النواب الذين حجزت لهم أيباك تذاكر السفر تراجعوا في اللحظة الأخيرة بعد ضغط من قواعدهم الانتخابية.
جيفريز… أقرب الرجال إلى أيباك يغيّر موقفه فجأة
من أبرز المفاجآت السياسية خلال الشهر الماضي إعلان حكيم جيفريز—المقرّب سابقًا من أيباك—انفتاحه على دعم منظمة J Street، وهي جماعة ضغط يسارية تختلف جذريًا مع نهج أيباك وتنتقد بشدة حكومة نتنياهو.
أسباب التحوّل.. غزة… والرأي العام الأمريكي
تشير استطلاعات "نيويورك تايمز/سيينا" إلى: تراجع غير مسبوق في تأييد الناخب الأمريكي لإسرائيل.
ارتفاع مستويات التعاطف مع الفلسطينيين داخل القاعدة الديمقراطية.
تصاعد الغضب من الدعم الأمريكي غير المشروط لنتنياهو رغم ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وانتشار المجاعة.
وبينما تتمسك أيباك بموقفها الداعم لنتنياهو وتصف حربه في غزة بأنها "عادلة وأخلاقية"، يجد نواب الحزب الديمقراطي أنفسهم في مواجهة ضغط جماهيري هائل يجبرهم على الابتعاد عن المنظمة.
تأثير هذا الانسحاب على نتنياهو: عزلة سياسية تتفاقم
يمثل هذا التحول داخل الحزب الديمقراطي ضربة مباشرة لنتنياهو، الذي يعتمد منذ سنوات على الدعم السياسي والمالي المضمون من الولايات المتحدة وتؤدي هذه التطورات إلى..
1. تراجع الغطاء السياسي الأمريكي لحربه في غزة.
2. احتمال انخفاض الدعم العسكري المشروط مستقبلًا.
3. صعود تيار أمريكي واسع يرفض دعم حكومتِه الحالية.
4. زيادة عزلة إسرائيل داخل الكونغرس الأميركي لأول مرة منذ عقود .
ويحذر خبراء في نيويورك تايمز من أن استمرار تراجع النفوذ الأمريكي التقليدي المؤيد لإسرائيل سيؤثر على مسار السياسة الإسرائيلية نفسها، وربما على نتائج الانتخابات المقبلة في إسرائيل.
توتر داخل الوفد الديمقراطي إلى إسرائيل… وقلق من لقاء نتنياهو
كما أفادت CNN بأن وفدًا ديمقراطيًا كان من المقرر سفره إلى إسرائيل هذا الأسبوع يشعر بالقلق من عقد اجتماع مع نتنياهو، في خطوة تعكس حجم التوتر بين الديمقراطيين والحكومة الإسرائيلية.
حتى المتحدث باسم ستيني هوير—رئيس الرحلة غير الرسمي—رفض تأكيد اللقاء مع نتنياهو، ما يعكس حساسية المشهد السياسي.
وفي هذا السياق تدل التطورات الأخيرة—انسحاب نواب، تراجع الحضور في رحلات أيباك، تحولات في قيادة الحزب، وتغير في الرأي العام—على أن الولايات المتحدة تشهد أول شرخ حقيقي في الإجماع السياسي التاريخي حول إسرائيل.
لم تعد أيباك “القوة الوحيدة اللامسّ بها”. ولم يعد دعم إسرائيل “مسلّمة سياسية". ويبدو أن السنوات المقبلة ستحمل توازنات جديدة قد تعيد تشكيل العلاقة الأمريكية–الإسرائيلية، وربما تُحدث أكبر تغيير في مكانة نتنياهو داخل واشنطن منذ توليه السلطة.













0 تعليق