تابعت باهتمام بالغ أزمة جريدة وموقع «البوابة نيوز»، ومن قبلها نفس الأزمة فى جريدة «الوفد»، وسنتابع فى الأيام القادمة أزمات مشابهه فى باقى الجرائد الورقية، فالنار أصبحت تحت الرماد، فمن سعى لنشر تلك الفتنة وتأجيجها داخل المؤسسات الصحفية، غاب عنه أنه سيكون المسئول الأول بعد غلق تلك المؤسسات وتسوية الأمور المالية - بالقانون - عبر المحاكم المصرية عن توفير عمل، وبدل بطالة للصحفيين المغلقة جرائدهم عبر نقابته.
عفوًا سأطيل البوست على من سيأخذه «برنت سكرين خده.. كوبى أفضل وابعته».. لم أُذهل حين رأيت أعضاء نقابة الصحفيين حرصوا جميعًا على حضور تلك الاعتصامات، والحرص الشديد على أخذ الصور التذكارية مع المعتصمين؟.
السادة أعضاء مجلس النقابة.. «اتصورتوا خلاص !؟!.. أثبتوا حضوركم ؟؟؟».. أبشركم ستكتب سجلات التاريخ، أنه فى عهد نقاباتكم اليسارية، أغلقت المؤسسات الصحفية الخاصة - المكافحة - رغم كل الظروف للبقاء؟.
سيكتب التاريخ أن مجلسكم كان شاهدًا على إغلاق مؤسسات إعلامية وطنية مصرية، ولم يتضامن مع مشاكل المؤسسات الصحفية، واكتفى بالصور التذكارية مع المعتصمين - أصحاب الأصوات الانتخابية - فى الوقت الذى كان ينتظر منكم الحل كنقابيين، ولن يقبل منكم مقولة نحن مخولين بحقوق الصحفيين فقط ولا شأن لنا بالمؤسسات.
فلا صحفى نقابي بدون مؤسسة نقابية قائمة ومستقرة، ولا يدخل صحفي نقابة الصحفيين بدون استيفاء شروط نقابية للمؤسسة - فكيف - إذًا أنتم غير مسئولين؟، و«لما إنتو مش فارق معاكم المؤسسة عقد العمل الثلاثي بين المؤسسة والصحفي.. إنتو موجودين فيه ليه؟.. وليه نقابة الصحفيين محددة فيه الحد الأدنى لمرتب الصحفى؟».
وكلما أُشاهد تلك الصور من أعضاء النقابة فى مقرات الاعتصام؛ مرة فى «الوفد» ومرة فى «البوابة نيوز»، حتى تعود بيا الذكريات إلى صراعات سابقة خاضتها المؤسسات الصحفية - المفترى عليها الآن - مع النقابة حتى يدخل أبناؤها النقابة!.
لأجد نفسي أتسائل ماذا قدمت نقابتكم للصحفيين قبل حصولهم على كارنية النقابة ويصبح لهم صوت انتخابى؟، ومن الذى دفع تكاليف تأسيس رخصة الجورنال الورقي - بالملايين - حتى يحصل الصحفيين على بدل النقابة!؟، ومن الذى دفع ملايين توفيق الأوضاع؟.
أليس الملاك هم من فعلوا ذالك!؟، وإذا كان ما فعله الملاك وما تحملوه من تكاليف وأعباء - مليونية -على مدار سنوات لا يشهد لهم بأنهم كانوا السبب المباشر لدخول هؤلاء الصحفيين النقابة، فلماذا لا يستوعب قلبكم الكبير الصحفيين داخل المواقع، ولا يدخل صحفيين المواقع الإلكترونية النقابة، والذين اختار ملاك مواقعهم الطريق السهل وتوفير نفقات الحصول على رخصة اصدار ورقي؟.
اسمحوا لى أن أعرض تجربة جريدة «أهل مصر» مع النقابة؛ التى تفعل ما تفعله اليوم باسم - القانون - والوقوف مع الصحفيين ضد مؤسساتهم، التى تستحل تعبهم وعرقهم وأكله حقوقهم «يا حرام»، فقد تم تكويد الجريدة فى عهد الأستاذ عبدالمحسن سلامة، بعد عامان كاملان من الاصدار الورقى المنتظم وفقًا للقانون.
وتم دفع مقابل التكويد - مئات الألوف - للنقابة واستلام إيصال التكويد وكتب فيها نصًا، مقابل دخول جريدة «أهل مصر» نقابة الصحفيين، ثم تم إيقاف التكويد بدون سند من القانون، مع الكثير من الصحف، فى عهد النقيب السابق الأستاذ ضياء رشوان، وكان معظم أعضاء المجلس وقتها هم الموجودين حاليًا.
وفى هذه الرحلة الطويلة والممتدة ست سنوات من وقف الحال وتعطيل القانون، تعرفنا على وجوه الجميع، وأتذكر أن كل عضو نقابله على حدى يقول لنا: «أنا واقف معاكو ومتضامن معاكو ومع أحقية دخولكم النقابة.. وموقفكم القانونى سليم»، ثم يطلع القرار بالأجماع باستمرار وقف التكويد!.
يا من تنادون بتفعيل القانون، ماذا كان وقتها سندكم القانونى لوقف تكويد الجرائد؟، ومنع دخول الصحفيين لجان القيد؟، هل كنتم تشعرون وقتها بما يشعر به صحفيون مكافحون يعملون بكل جد؛ من خلال مؤسسة سعت منذ تأسيسها على تفعيل القانون، حتى يلحق أعضاؤها بركب النقابة؟.
عشر سنين حتى يدخل أول جيل من جريدة منتظمة الإصدار مجلس النقابة!.. عشر سنين يا دعاة الفضيلة وحماة القانون والحق يا نقابة الحريات!.. عشر سنين حتى ذهب من ذهب وبقى من بقى !؟.. عن أي حق وقانون تدافعون الآن وتتكلمون؟.. عن أي حقوق للصحفين تدافعون بعد وقف حال ست سنين؟.. أين كنتم جميعًا والقانون منتهك داخل نقابتكم.
كنتم شهود على معاناة الجرائد عشر سنوات كاملة، حتى هجرها معظم أبنائها واختاروا صاغرين الدخول عبر البوابات الخلفية - والتي يعلمها الجميع- بمبالغ نقدية تتجاوز عشرات الألف من الجنيهات من الجرائد التى تبيع العضوية!.
أين كان تضامنكم مع الصحفيين!؟، وأمهات الصحفيين يبيعون مصوغاتهم حتى يدخل أبنائهم النقابة من بابها الخلفي، بعدما يأسوا من تطبيق القانون!؟.. أين كنتم ومجلسكم السابق يطلب من المؤسسات الصحفية - فصل - العاملين بها وتقديم طلب للنقابة بترشيح 15، اسم من الزملاء النقابيين المتوقفة جرائدهم عن العمل للعمل داخل مؤسساتنا، بدلًا من العاملين لدينا حتى تفرجوا عن قرارات تكويدنا وتفعلوها فى مساومة لا أجد لها وصفًا!.
وقد كان صحفيو «أهل مصر»، وباقى الجرائد المتوقفة تكويدها من وجهه نظركم، وحسب الفاظكم التى استخدمتوها نصًا وقتها، هؤلاء - أبناء غير شرعيين للنقابة - ولا يهمنا مصيرهم، نهتم فقط لمصير من يحمل كارنيه النقابة!.
الآن وبعد الكارنية «بقوا أبناء شرعيين خلاص !!!!.. آه آه نسيت بقوا صوت انتخابي خلاص.. ها.. وبعد أن كافحت مؤسساتهم وناضلت ولم تتخلى عنهم، حتى اصبحوا أبناء شرعيين للنقابة «معاهم الكارنية»، بماذا تعبثون اليوم ؟.
أزمة الصحافة المصرية واضحة وجلية أمام الجميع ومن زمان، ليست أول مرة يكون هناك حد أدنى للمرتبات ولا تطبقه المؤسسات الصحفية لعدم القدرة، والجميع يعلم ذالك.
كان الأجدر بكم الإجتماع مع رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير ومحاولة حل الأمر، بشكل يضمن إرضاء الجميع، فأنتم أعضاء نقابة و«المفروض متواصلين مع كل الوزرات ومؤسسات الدولة.. مش عارفين تحلوا أزمة، المفروض مين يحل؟».
كنت أتوقع من أعضاء المجلس، والذين من المفترض أن يكونوا هم أهل العقد والحل ضد غلق أى مؤسسة صحفية، أن يقابلوا وزير العمل ويطرحوا عليه الأزمة، ويتناقشوا معه أن تطبيق الحد الأدنى فى القطاع الصحفى هو أمر مستحيل، ليس لأن ملاك الجرائد - أكلة لحوم البشر ولا مصاصى دماء - كما يعبر عنهم البعض، ويحلو للتيار اليسارى دومًا فى تصويرهم.
ولكن لأن العمل الصحفى لا يدر دخلًا على أى مؤسسة يمكنها من دفع الحدود الدنيا للأجور، وأن سوق الإعلانات المغذي لأي جريدة مشلول بالكامل نظرًا للوضع الإقتصادى، وأن الملاك يدفعون من جيوبهم الخاصة لاستمرار تلك المؤسسات، ولا مجال للضغط عليهم أكثر من ذالك.
العمل الصحفى هو عمل خدمي، وليس عمل تجاري يدر دخلًا وربحًا، العمل الصحفي عبء على الملاك، العمل الصحفى تجربة كلها تحدي ودفع فلوس وتراخيص وطباعة وتوزيع، في كل المراحل مش نزهة ولا وجاهة اجتماعية، كما يصورها البعض للمالك.
ولأن العمل الصحفي ليس ربحي، كان قرار الدولة بدعم المؤسسات الصحفية، من خلال صرف بدل التدريب والتكنولوجيا لصحفى الجرائد الورقية - فقط - لحل أزمة المرتبات المتدنية، إذا فقد قامت الدولة بواجبها كاملًا فى الدعم.
وهذا يقودني لسؤال هام.. لماذا يوفر كارنية عضوية نقابة الصحفيين بدلًا ماديًا لا توفره أى نقابة أخرى؟.. أليس الجميع مواطنون لهم نفس الحقوق - أمام الدستور والقانون؟ - لماذا لا يحصل أعضاء باقي النقابات على بدل من وزارة المالية؛ مثل أعضاء نقابة الصحفيين؟.. الإجابة تكمن أن الدولة فطنت أن العمل الصحفي هو عمل لا يدر دخلًا، فكان قرارها بدعم المؤسسات من خلال صرف البدل للصحفين.
كنت أتمنى أن أرى نجاحًا فى حل الأزمة، نجاحًا، لا تكون نهايته إغلاق المؤسسات!.. من أين يأتي المالك بالحد الأدنى للأجور؟.. و«كام من الأعوام يتحملها المالك للانفاق على المؤسسة من جيبه الخاص؟».. لن يستطيع أحد في المجال الصحفي من توفير الحد الأدنى، اذا استمر الوضع الإقتصادي الخانق في سوق الإعلانات كما هو الآن.
لا يخفى على أحد مديونية المؤسسات الصحفية الحكومية؛ التى تدعمها الدولة هي الأخرى لتأثرها بالوضع، فكيف الحال مع مؤسسات خاصة لا يدعمها أحد.
رسالة للزملاء الصحفيبن اللذين ذهبوا للتضامن مع زملائهم، أحب أن ابلغكم لو رفعت الشركة المتحدة يدها عنكم لن تنالوا الحد الأدنى، «يعنى من الآخر إداراة مؤسساتكم مش هرقل ولا هيرو، ولا هما يملكوا حلولًا سحرية، ولا هم قادرين على توفير إعلانات مليونية للإنفاق عليكم، ولا قادرين يعملوا اللى الإدارات الثانية مش قادرة عليه، فكفاكم مزايدة لو سمحتم»، فمؤسساتكم تعرضت للغلق أكثر من مرة وتخفيض مرتبات ودمج وتخفيض عمالة، لولا مد الشركة المتحدة يدها لكم.
لذا؛ ليس الحل فى التحريض على التظاهر داخل المؤسسات، ولا الحل فى دعم الاعتصامات، «لما مؤسستك تغلق محدش هينفعك، ولا يتضامن معاك ويقسم مرتبه معاك»، ولا الحل في التصوير داخل كل مؤسسة قبل إغلاقها، لإظهار إنك متضامن، «إحنا مش في موسم انتخابات يا سادة».
أخشي بعد كل ما أراه أن يكون الغلق هو الحل الوحيد فى يد المالك، بعد الضغط عليه وتحميله ما لا يطيق، لأنه لا يملك الاستمرار، وهنا الصحفى سيكون بلا عمل وتأمينه متوقف وليس له مكان فكل مؤسسة مكتفية بأولادها، والسوق الصحفى مليء بالآف الذين أغلقت مؤسساتهم، وسيظل يبحث مع النقابة عن بدل بطالة، لذلك «لو سمحت انزل بسقف طموحك على الأرض، وحاول مع إدارتك الوصول لحل عملى بدلًا من دفع جريدتك للإغلاق».
فالظروف الإقتصادية تعصف بالجميع - وأنت كصحفى تعلم ذالك جيدًا -، فبدلًا من التناحر لابد لابد من البحث عن حلول، وتذكر ما قدمه جورنالك لك، فأنت لست أفضل من صحفى المواقع، والذي حتى يلتحق بنقابة الصحفيين، يدفع مئات الألوف من - البوابة الخلفية - ويظل يعمل عمره كامل داخل مؤسسة لا ينتمى لها - «ببلاش» - حتى تقبل دخوله النقابة من خلالها.
«بلاش الكارنية اللي في إيدك يقويك على مؤسستك اللى كانت سبب إنك تحصل عليه بعزة وكرامة مش بفلوس، تذكر أن مؤسستك اختارت الخيار المكلف ماديًا، حتى تؤمن لك مستقبلك وتساعدك فى دخول النقابة والحصول على حلمك بشكل شرعي»، وكان في امكانها عدم فعل ذالك.
تذكر أن مؤسستك هي «اللي وقفت معاك فى وقت إنت مكنتش فارق مع حد.. تذكر وتذكر وتذكر وتذكر فليس الأمس ببعيد، تذكر كيف كنت تطرد وأنت على باب النقابة وأنت صحفي محترم بقالك عشرات السنين بس مش معاك كارنيه.. تذكر أن مؤسستك فقط هي من دعمتك حتى صرت إلى ما صرت إليه اليوم، وأن من تستقوى بهم اليوم يدعموك لصوتك الإنتخابي، ولم يدعموك يومًا بدونه».
تذكررررر.. لا الصحفي المطالب بتحسين وضعه المالي مخطأ، ولا المالك الذي أسس وأنفق الملايين ما بين تصاريح وتوفيق أوضاع وضرايب وطباعة وتوزيع وتأمينات بالملابين، واختار الطريق الأصعب والأكثر كلفة، حتى حصولك على البدل والكارنيه مقصر.
لابد أن يكون هناك حلول، ولابد أن يعلم الجميع أن غلق مؤسسة صحفية هو خسارة للمجتمع الصحفى كله، وعلى العقلاء وحكماء المجال، أن يدركوا أن صورة مصر لن تكون جيدة ومؤسساتها الصحفية تغلق الواحد تلو الأخري، وأن الدولة تدعم استمرار تلك المؤسسات الإعلامية التي تؤدي دورًا وطنيًا من خلال إقرار بدل التدريب للصحفيين.
فلا يجوز.. وضع الدولة فى وضع يسيء لها وقد يفهم بشكل خاطئ، وأن على الجميع القيام بدوره بدون اعتصامات وتحريض على المؤسسات، وعلى النقابة أن تدرك أنه طالما المؤسسة الصحفية بخير فالصحفي بخير، وأن الجريدة هى السفينة التى لا يجوز ثقبها ثم نطالب بعد ذالك بعدم غرق صحفييها، وأن الأزمة ليست في الملاك ولكن فى الظرف الأقتصادي الخانق.
وغياب الإرادة الحقيقية للحل وانتهاج ممارسات انتخابية لا نقابية، لذا فعلى أعضاء المجلس الموقر إعلاء المصلحة العامة، ونبذ الأغراض الإنتخابية في هذا الظرف الحرج، لأن التاريخ لن يرحمكم، والصحفيين «اللي النهاردة ملتفين حواليكم ومستقويين بيكم على، مؤسساتهم بكرة لما يصبحوا بلا عمل ولا تأمين موقفهم هيتغير تجاهكم تمامًا.
تذكروا أن القاعدة الفقهية، درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة، وفي غلق المؤسسات مفسدة عظيمة وضياع حلم العشرات وإهدار أموال مواطنين مصريين، كل ذنبهم أنهم شاركوا في حلم صحافة محترمة وطنية غير ممولة.
أعلم تمامًا أني سأنول هجومًا شرسًا بعد ما كتبت، ولكني كعادتي أنا سيدة المواقف الصعبة، ولا أخشى فى الحق لومة لائم، وأعلم أن نقابتي الكريمة ستنشغل برفع القضايا علىّ، لأني تجرأت وهاجمتهم وهم المنادون بالحريات وحرية الرأي والفكر لا يتسع صدرهم الضيق لمن يخالفهم الرأي، ويطلقون لجانهم الإلكترونية لمهاجمة من ليس في صفهم.
لا أبغى إلا قول كلمة واحدة، لن يجرؤ أحد على قولها لكم لارتباطكم جميعًا بدائرة مصالح واحدة.. لن يرحمكم التاريخ يا نقابة تدعوا أعضائها بالوقوف أمام مؤسساتها؛ تارة بدعوى الحقوق وتارة بدعوى الحريات، حتى تضطر المؤسسات للإغلاق وتوثق مراحل الأغلاق بصور تذكارية يرفع فيها الصحفيين علامات النصر أمام إغلاق مؤسساتهم.
بقلم داليا عصام رئيس تحرير «أهل مصر»







0 تعليق