أكد الفريق إبراهيم الماظ، مستشار حركة العدل والمساواة السودانية، أن الحرب الدائرة في السودان الآن، تمثل أخطر تحول في تاريخ الصراعات السودانية، إذ تجاوزت التمردات التقليدية التي عرفها السودان منذ خمسينيات القرن الماضي.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جريدة "الدستور" تحت عنوان: "الفاشر.. سردية مدينة محاصرة إلى أين؟"، في إطار التغطية الإعلامية المستمرة للأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور"، بالتزامن مع تدشين منصة هنا السودان، التي تهدف إلى توثيق الأحداث والممارسات الحقوقية في البلاد.
وأوضح الفريق إبراهيم ألماظ، أن نمط الحروب القديمة، الذي كان يقوم على المواجهة بين الجيش والحركات المسلحة مع تجنب استهداف المدنيين، تبدل بالكامل بعد 15 أبريل 2023، حيث ظهر تمرد "مدفوع خارجيًا" تبنّته قوات الدعم السريع التي تحولت من قوة داخل الدولة إلى ذراع تسعى لاختطاف السلطة.
وأشار مستشار حركة العدل والمساوة السودانية، إلى أن فشل تنفيذ بروتوكولات اتفاق جوبا، خاصة ما يتعلق بالترتيبات الأمنية والاندماج العسكري، كان مقدمة مباشرة للانفجار، فيما مثّل سقوط الخرطوم السريع صدمة تاريخية أعادت تشكيل المشهد برمّته.
وشدد "ألماظ" على أن الفاشر أصبحت مركز الرمزية وأيقونة الصمود، لأنها آخر عاصمة إقليمية ظلت عصية على السقوط، ولأنها واجهت أكثر من 272 هجومًا بدعم خارجي وتسليح متطور، بينما صمد أهلها والجيش والمقاومة الشعبية في خندق واحد لأكثر من 500 يوم، رغم المجازر التي ارتُكبت بحق المدنيين ودمار المستشفيات والمرافق.
وأشار إلى أن تقديرات الشهداء تخطت 200 ألف شخص، وأن المجتمع الدولي تأخر في الإدانة رغم وضوح الجرائم، بل دُمّرت شاحنات مساعدات دون تحرك أممي فعلي. واختتم بأن الفاشر صنعت أسطورتها بدماء أهلها وصمودهم، وبأنها كانت السد الذي أوقف مشروع تفكيك الدولة السودانية ومنح الحرب معناها الأخطر في ذاكرة البلاد.
وتأتي الندوة لتسلط الضوء على المعاناة الكبيرة التي عاشتها مدينة الفاشر تحت الحصار، وتسعى إلى استعراض شهادات الناجين، ورصد الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، فضلًا عن تحليل الأبعاد السياسية والاجتماعية للحرب في دارفور. كما تهدف إلى فتح نقاش جاد حول دور الإعلام الرسمي والشعبي في نقل الحقيقة، وإبراز تجربة الصحفيين والناشطين المحليين في مواجهة التضليل الإعلامي الدولي.
وجمعت الندوة بين الخبرة الصحفية والبحثية والسياسية، لتقديم سردية شاملة عن مدينة الفاشر، وتحديد مسارات التحرك الممكنة للمجتمع الدولي والمحلي، في محاولة لإضاءة قضية لم تحظَ بالاهتمام الكافي، رغم حجم المأساة الإنسانية التي شهدتها.
اقرأ أيضًا:
















0 تعليق