يشهد متحف الأقصر للفن المصري القديم مرحلة جديدة من أعمال التطوير الشامل، تمهيدًا لإعادة افتتاح قاعة الخبيئة قريبًا، وذلك بعد الانتهاء من الدراسات اللازمة واعتماد مشروع التطوير من قِبل اللجنة الدائمة للآثار.
وفي خطوة تعكس توجه الدولة نحو تطوير جميع متاحف الجمهورية ورفع جودة التجربة الثقافية للزائرين، يأتي مشروع تطوير قاعة الخبيئة كأحد أهم مشاريع التحديث الجارية داخل المتحف، الذي يُعد من أبرز المتاحف المتخصصة في عرض تطور الفن المصري القديم، ومركزًا ثقافيًا مهمًا في مدينة الأقصر "طيبة عاصمة مصر القديمة".
متحف الأقصر للفن المصري القديم
وافتُتح المتحف عام 1975 على يد الرئيس الأسبق أنور السادات ورئيس جمهورية فرنسا حينها فاليرى جاسيكار دي ستان، ليكون منصة متحفية فريدة تعكس تاريخ الفن المصري القديم في مدينة طيبة عبر عصورها المختلفة.
ويضم المتحف أكثر من ستة آلاف قطعة أثرية، يُعرض نصفها للجمهور ضمن سيناريو عرض يُبرز جماليات النحت والفن في مصرالقديمة، بينما تُحفظ القطع الأخرى داخل مخزن المتحف.
وقد شهد المتحف خلال العقود الماضية عدة مراحل تطوير، شملت إضافة مركز للزوار، وتجهيز قاعات عرض جديدة، واقتناء مجموعات فريدة مثل بعض مقتنيات الملك توت عنخ آمون، ومومياوات لملوك الأسرة السابعة عشرة، منهم الملك أحمس الأول ورمسيس الأول.
ويُعَد المتحف اليوم مقصدًا أساسيًا لكل زائر يبحث عن رؤية متخصصة لتاريخ الفن المصري القديم.
تفاصيل أعمال التطوير داخل المتحف
وتجري في الوقت الحالي أعمال تطوير واسعة تستهدف رفع كفاءة البنية التحتية للمتحف وتحديث قاعة الخبيئة لتناسب المعايير المتحفية العالمية.
وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان لوزارة السياحة والاثار، أن مشروع التطوير يهدف إلى إبراز أهم مقتنيات خبيئة الأقصر بأسلوب عرض معاصر يتوافق مع المعايير المتحفية العالمية، مع الحفاظ على القيمة التاريخية والأثرية للمجموعة، وتوفير تجربة ثرية ومتكاملة للزائرين.
كما أشار مؤمن عثمان، رئيس قطاع الترميم ومشروعات الآثار والمتاحف، إلى أن الأعمال تشمل تطوير شبكة الكهرباء والأنظمة الفنية والإضاءة البانورامية داخل المتحف، بما يسهم في إبراز جمال القطع المعروضة ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للجمهور.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد حميدة، رئيس قطاع المتاحف، أن أعمال رفع كفاءة كهرباء المتحف داخليًا وخارجيًا تمت مع الحفاظ على البنية التحتية، إلى جانب تجديد لوحات التوزيع العمومية والفرعية، وتحديث أنظمة الإضاءة.
وتتضمن الأعمال كذلك تزويد القاعة بشاشات عرض تفاعلية حديثة وبطاقات شرح جديدة، بما يسمح للزائر بفهم القطع في سياقها التاريخي بشكل أعمق.
كما يجري تنفيذ منحدرات (Ramps) لتيسير الحركة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، بهدف ضمان سهولة التنقل بين مستويات المتحف.
قاعة خبيئة الأقصر
وتُعد خبيئة الأقصر واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في مصر الحديثة، وقد عُثر عليها عام 1989 داخل فناء الاحتفالات الذي شيده الملك أمنحتب الثالث في معبد الأقصر.
جاء الاكتشاف في صورة مجموعة نادرة من التماثيل الكاملة المحفوظة بشكل استثنائي، وُجدت مصطفّة بجوار بعضها على عمق 2.5 متر تحت الأرض، في وضعية دقيقة تشير إلى أنها أُخفيت عمدًا.
وفي عام 1991 نُقلت أهم هذه القطع إلى متحف الأقصر، حيث خُصص لها جناح مستقل عُرف باسم قاعة الخبيئة، التي أصبحت إحدى أهم نقاط الجذب داخل المتحف نظرًا لقيمة الاكتشاف الفنية والتاريخية.
أبرز المقتنيات داخل قاعة الخبيئة
وتتميز مجموعة الخبيئة بتنوعها الفني والديني، إذ تتوسطها تمثال الملك أمنحتب الثالث، إحدى روائع النحت في عصر الدولة الحديثة، وحوله تماثيل للمعبودتين حتحور وأونيت من الشرق، وتمثال للملك حور محب والإله أتوم من الغرب.
كما تضم القاعة عددًا من القطع النادرة الأخرى التي تُبرز تطور فن النحت في مصر القديمة، وتكشف عن مهارة الفنان المصري في تشكيل التماثيل الملكية والإلهية.
ويُعرض إلى جانبها داخل المتحف مجموعة أخرى مهمة، منها بعض مقتنيات الملك توت عنخ آمون، والمومياوات الملكية لأحمس الأول ورمسيس الأول، ما يجعل المتحف نقطة التقاء فريدة بين فنون الدولة الحديثة ومكتشفات العصور اللاحقة.
أهداف مشروع التطوير وفائدته للزائرين
ويهدف مشروع تطوير قاعة الخبيئة إلى تقديم تجربة متحفية أكثر عمقًا وشمولًا للزائر، من خلال عرض القطع الأثرية بأسلوب معاصر يتوافق مع المعايير الدولية.
ويتركز الهدف الأساسي في إبراز قيمة المجموعة الفنية والتاريخية للخبيئة، وإعادة توزيع القطع بما يعكس السياق الزمني والفني لها، كما يسعى المشروع إلى تعزيز التفاعل بين الزائر والقطعة الأثرية من خلال الوسائط الرقمية، وتحسين الإضاءة والعرض لضمان رؤية واضحة تبرز جمال التفاصيل.
ويُتوقع أن يؤدي التطوير إلى زيادة الإقبال السياحي على المتحف، باعتباره أحد أهم مواقع عرض الفن المصري القديم في صعيد مصر، ما يسهم في دعم السياحة الثقافية بمدينة الأقصر ويعزز مكانة المتحف كمؤسسة متحفية رائدة.















0 تعليق