ياسر حمدي يكتب: مطلوب «نواب» و «حكومة» يناسبون «الجمهورية الجديدة»

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي، حول الإنتخابات البرلمانية، حدث إرتباك إيجابي في المشهد الإنتخابي تفاعلت معه الأحزاب على الفور، وتحركت الهيئة الوطنية للإنتخابات، وتم إلغاء 19 دائرة في 7 محافظات من المرحلة الأولى، وأشاد به الشعب المصري كله وهللوا فرحًا وسعادة، لأن البيان كان تاريخيًا، ووضع جميع المصريين أمام مسؤولياتهم الوطنية.
الحقيقة تأتي الإنتخابات البرلمانية الحالية في ظل إهتمام رسمي بتوفير مناخ ديمقراطي منضبط، أكدت عليه الرؤية الرئاسية التي وضعت المشاركة الشعبية والاختيار الواعي في صدارة المشهد، وبينما تقوم الدولة بدورها في ضمان عملية شفافة ومنظمة، يبقى على الناخب مسؤولية إختيار من يراه الأكفأ والأقدر على تمثيله وتحقيق مصالح دائرته تحت قبة البرلمان.
وبعد البيان التاريخي للسيسي ظل الجميع يسأل ماذا سيحدث؟ والرئيس برسالة سياسية مقصودة أجاب على هذا السؤال بمنتهى الشفافية والوضوح، وأكد على أن الإنتخابات ستتم في جو حيادي تام، وأن صوت الناخب سيصل، وبيانه القوي وضع الجميع أمام المسؤلية الوطنية إبتداءً من الشعب الذي سيختار مرورًا بالهيئة الوطنية للإنتخابات التي تنظم وتشرف على العملية برمتها، إلى المرشحين أنفسهم والأحزاب السياسية، والزمهم بتطبيق المعايير القانونية المحددة للعملية الإنتخابية، حتى نحصل على برلمان يحافظ على خطه الوطني المستقل.
وعندما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن «الجمهورية الجديدة» فقد بدا كالعادة مهتمًا برسم صورة المستقبل لدولة «متقدمة وديمقراطية حديثة»، وهذه الدولة من أهم ملامحها تكافؤ الفرص والعدالة في القانون والحقوق والواجبات، ومراعاة حقوق ومتطلبات الأغلبية من المصريين، وهم من الطبقة الوسطى وليسوا من الفئات المترفة، والتوازن بين رأس المال والعمل والتعامل مع تحولات وتطورات العصر، وأيضًا التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تجتاح العالم.
نقول هذا بمناسبة أننا على أعتاب مجلس نواب جديد، يتولى خلال بداية العام المقبل مهام التشريع والرقابة، ويمثل السلطة الأهم في أي بلد حديث بالعالم، فقد تم الانتهاء من مجلس الشيوخ بالانتخابات والتعيين، وخلال أسابيع قليلة يكون لدينا مجلس للنواب، يتساءل المواطنون دائمًا عما إذا كان هذا البرلمان بغرفتيه يمثل المصريين بكل فئاتهم، وهل يمكن الإعتماد على مجلسي النواب والشيوخ لإستكمال خطوة ما أسماه الرئيس السيسي «دولة ديمقراطية حديثة» أو «الجمهورية الجديدة»، التي تحمل ملامح النظر للمستقبل، وتلبي إحتياجات ومطالب شعبها، وتكون للجميع، وليست لفئة واحدة تحتكر المال والسلطة والثروة.
وعندما تحدث الرئيس السيسي عن «الجمهورية الجديدة» اتبعها بالدعوة لحوار وطني شامل، استمر لأكثر من عامين، وتضمن مناقشات ومشاركات من كل الفئات والتيارات والخبراء، وانتهى لتوصيات، قلنا إن الحكومة في الغالب لم تأخذ بها، ولم تهتم بأكثر من إدخالها في «دهاليز اللجان»، ولم تخرج منها حتى الآن!.
وبالطبع، فإن الحكومة تقول طوال الوقت إنها تعمل وإنها تفتتح وتعقد إجتماعات وجلسات وتنتج لجانًا، لكن في الواقع فإنها في ناحية والمواطنين في ناحية أخرى، لا يبدو أنهم يشعرون بوجود الحكومة، خاصةً فيما يتعلق بحياتهم اليومية والأسعار والرقابة على الأسواق، وملفات مثل الإسكان والصحة، تبدو للقادرين والأثرياء فقط وليس للمواطن، ولعل إعلانات ورسائل التسويق العقاري خير شاهد على أن الإسكان بحاجة لرؤية الرئيس «مسكن لمن يطلبه حسب قدراته» وبين رؤية لا تضع هذا في الإعتبار، وتتعامل مع نسبة من المواطنين يبنون ويتاجرون ويثرون في السواحل والكومباوند، بعيدًا عن أغلبية يضرب بها المثل.. إنهم المصريون.
ولا نبالغ بالقول إن الرئيس عبدالفتاح السيسي هو الطرف الأكثر إهتمامًا بالمواطنين، وعلى الحكومة أن تستمع إلى توجيهاته، وتنفذ ولا تكتفي بسياسة اللجان والمنتديات «الولا حاجة».
وإذا كان هذا هو حال الحكومة، فيفترض أن يكون مجلس النواب طرفًا في بناء «الجمهورية الجديدة» والدولة الديمقراطية الحديثة، ولهذا شروط وقواعد نظن أنه آن الأوان لإرسائها، فالنواب حسب ما هو معروف يجب أن يستمعوا للناس في دوائرهم، ويحاولوا تنفيذ مطالبهم، ولدينا على مواقع التواصل أصوات ليست مدفوعة ولا لجانًا، تناقش وتطرح أسئلة ومطالب للمواطنين، يفترض الاستماع إليها، ونعود لنقول إن الرئيس السيسي هو الذي يمتلك قدرة على قراءة المجتمع، ومطالبه ومخاوفه وقلقه، ويفترض أن يكون مجلس النواب على الموجة نفسها.
وبعيدًا عن أي هواجس، هناك مؤشرات كثيرة ومهمة، وأجيال صغيرة واعية أو لديها قلق وتساؤلات، يفترض التعامل معها وعدم الركون إلى يقين تثبت التجارب أنه يقين خادع.
إذا كان حال الحكومة هو الاكتفاء بالاستعراض، يفترض أن يكون مجلس النواب صاحب مسؤولية حقيقية، في الرقابة والتشريع، وتلبية مطالب حقيقية للمواطنين الذين تحملوا وصبروا، ودائمًا ما يوجه الرئيس لهم التحية، وينتظرون أن يترجم البرلمان إلى خطوات وتصرفات.
المجلس الحالي عليه مهام تتعلق بالتشريع، وأيضًا بالأدوات البرلمانية في الرقابة والتفاعل مع السياسات القائمة، والقدرة على تفهم مطالب الجمهور، خاصةً في الأقاليم، في الوجهين البحري والقبلي، فضلًا عن أهمية دور النواب بالمجلسين في تقديم اقتراحات لمعالجة المشكلات والمستجدات، هناك مطالب لكل قرية أو مدينة تتعلق بالخدمات التعليمية والصحية والطرق والنقل وغيرها، تحتاج إلى نواب يتفهمونها.
الإنتخابات الأخيرة تكشف عن غياب عدد كبير من الأحزاب عن الساحة، وعدم قدرة هذه الأحزاب على ممارسة دور واضح، أو طرح برنامج يمكن أن يكون مقنعًا، وهو أمر تتفق فيه الأحزاب المعروفة والمجهولة وشبه الغائبة، فهي لا تقدم أنشطة سياسية أو مؤتمرات تتحدث فيها للجمهور وتتبادل معه الرأي، بينما وجود أحزاب قوية يملأ الفراغ السياسي، الذي يمثل فجوات مقلقة.
نحن أمام مرحلة مهمة، وتحولات في العالم كله والإقليم، تتطلب وعيًا وتفاعلًا ومعالجات، وليس لجانًا على طريقة الحكومة، أو منتديات وكلام على طريقة بعض المجالس الجالسة، والرئيس بدوره قام بعمل تاريخي وفعل ما عليه، وبقى الدور الأكبر على الشعب في تحمل المسؤولية كاملة وإختيار من يمثلهم في البرلمان بعيدًا عن نواب المال السياسي، حتى نصل في نهاية الأمر إلى مجلس يناسب الجمهورية الجديدة.. حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وجيشًا وقيادة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق