قلبي يحتضر بسبب عدم إحساسي بالإنتماء
سيدتي اشكرك جزيل الشكر على كل ما تقدمينه من خير ونصيحة عبر هذا الركن الجميل، وأظنني اليوم محظوظة لأنني اقف بين يديك حتى ابث إليك ما يوجعني.
أي نعم أنا في قمة الأسى واللوعة لأنني لست أجد لنفسي مكان مع من حولي، غريبة أنا ومنكسرة فهل لي بنصيحة منك تطفئ لوعتي.
سيدتي، أنا محظوظة فقد لقّنني والداي تربية صالحة مكّنتني والحمد لله من أن أنال لقب المثالية وصاحبة المبادئ، إلا أنّني وجدت نفسي أصدم في زمننا هذا من تصرفات وردود أفعال من هم حولي، فالسّواد الأعظم لا يشبهني في شيء، وأغلب من أحيا إلى جانبهم لا يكنّون لي ما أكنه لهم من مودة وإحترام. جلّ المعاملات اليومية التي أحياها تجعلني أتأكّد من أنني من طينة فريدة من نوعها: كذب، إفتراء، نفاق، نميمة وحب للذات، إصطياد في المياه العكرة وروح خبيثة تعكسها نظرات أخبث..هذا ما جعلني في دوامة كبيرة، دوامة تجعلني في كل مرة أخمّن: أليس هناك من يشبهني؟ أسئلة كثيرة أطرحها في قرارة نفسي: لماذا الجميع بهذا القدر من الوضاعة؟ لماذا لا يحب الأخرون الخير للغير؟ لماذا لانتعاون حتى نحيا في وئام؟ لماذا ننافق بدل أن نفارق من لا تروق لنا صحبتهم؟ لقد بـتّ أفضّل معانقة الوحدة عوض أن أحتكّ بمن يبدون الحب وهم في الخفاء أشدّ
وساخة من الوسخ نفسه. أنا في دوامة كبيرة، وقلبي يكاد ينفطر، فهل يعقل للطيبة والأخلاق الطيبة أن يحيا أصحابها مثل هذا المواقف؟
أختكم ن.سميرة من الوسط الجزائري.
الرد:
ما أحوجنا اليوم دون غيره إلى أخلاق الإسلام نمارسها سلوكا في الحياة في زمن طغت فيه المادة وضعفت فيه القيم وفهمت على غير مقاصدها وغاياتها، وقد تنافس الكثير من أبناء هذه الأمة على الدنيا ودبّ الصراع بينهم من أجل نعم زائلة، أو لذة عابرة أو هوى متبّع. ما أحوجنا إلى الأخلاق أختاه ونحن نرى التّقاطع والتّدابر والتّحاسد على أبسط الأمور وأتفهها، ما أحوجنا إلى الأخلاق ونحن نرى جرأة كثير من الناس على سفاهة الأخلاق والوقاحة والأعراض دون وجه حق أو مسوّغ من شرع أو قانون.
نحن في أزمة أخلاق أختاه، وما قلته ليس إرهاصا أو مجرد فكرة تحيينها لوحدك، فمثلك من هم في حيرة مما بلغته العلاقات الإجتماعية وقبلها العلاقات الإنسانية التي إنهارت كلية بفعل تناقص الحس وغياب الضمير وسواد الأفكار التي تبثّها سموم الحسد والغيرة والبغض. لقد كانت الأخلاق في حياة المسلمين سببا رئيسيا في عزتهم وقوّتهم ، فعاشوا حياة تسودها الحب والتعاون والإحترام المتبادل، فنتج عن ذلك الإخلاص وتقديم النفع وحب الخير. إن الفساد الأخلاقي في الأرض إجرام، نهى عنه الله جلّ وعلا، والمؤمن الكيس لا يرضى مثلك أختاه أن يحيا على هامش الحياة حيث أنه صاحب رسالة يترجمها عملا وقولا، صدقا وعدلا وقيما.
لست مطالبة بالتغير أو الإنجراف مع من إتّخذ من الوضاعة عنوانا لحياته، وليس لك أن تنتكسي لمجرّد أنك تحسين من أنك لوحدك من أنّ الأخرون هم الأغلبية. أسمي بأخلاقك، وعيشي بشفافية تاركة للأخرين إثم ما يفعلون ويظنون، وإذا كان السواد بعتمته هو اللون الأغلب، فإن قبسا من اللون الأبيض يشعّ فيه نورا .
ستجدين من هم مصلك حتما في معترك الحياة، أناس طيبون همهم في الحياة العيش بسلام، فلا تنغلقي على نفسك ولتكن لديك مناعة قوية تقيك من تأثير من لا يخافون الله، وتأكدي من أن البعد على سيئي الأخلاق غنيمة،كما أن التجاهل أفضل وسيلة للتعامل مع من هم دون المستوى. ثقي بنفسك ولترفعي من هامتك وأجعلي قدوتك في الحياة سيد الخلق أجمعين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي إصطفاه الله ليتمم مكارم الأخلاق، وكان الله في عونك.










0 تعليق