كشفت دراسة حديثة أن "الزعفران" قد يُقدّم فائدة معرفية ملحوظة لمرضى "الزهايمر" في مراحله الخفيفة إلى المتوسطة، بفضل مركباته الحيوية مثل "الكروسين" و"السافرانال".
تفاصيل التجارب
ولفتت الدراسة التي أجراها فريق بقيادة شاهين آخوندزاده من جامعة طهران للعلوم الطبية، والتي شملت التجربة 46 مريضًا يُعانون من الزهايمر الخفيف إلى المتوسط، وتلقّى المشاركون 30 ملي جم يوميًا من مستخلص الزعفران على مدى 16 أسبوعًا، إلى أن النتائج أظهرت تحسنًا ذا دلالة إحصائية في الأداء المعرفي، مُقاسًا عبر مقياس "ADAS-Cog" ومؤشر "CDR-Sum of Boxes"، مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي.
وأشارت الدراسة إلى أن الزعفران كان متحمّلًا جيدًا، ولم تُرصد فروق تُذكر في الأعراض الجانبية بين المجموعتين.
وفي تجربة أخرى متعددة المراكز، قارن الفريق ذاته بين فعالية الزعفران ودواء دونيبيزيل المستخدم طبيًا لعلاج الزهايمر.
واستمرت الدراسة 22 أسبوعًا على مرضى من الفئة نفسها، وجاءت النتائج لافتة؛ إذ أظهر الزعفران فعالية مقاربة للدونيبيزيل في تحسين المؤشرات الإدراكية، بل سجل المرضى نسبة أقل من بعض الأعراض الجانبية المصاحبة للدواء.
وفي عام 2014، قدّم باحثون دراسة سريرية قارنت بين الزعفران ودواء ميمانتين لدى مرضى الزهايمر المتوسط إلى الشديد على مدى 12 شهرًا.
وأظهرت النتائج أن مستخلص الزعفران بجرعة 30 ملي جم يوميًا حقّق أثرًا إدراكيًا مماثلًا للميمانتين، دون فروق كبيرة في ملف الأمان.
ولتقييم الصورة العامة، أجرت فرق بحثية دولية مراجعات منهجية شملت هذه التجارب وغيرها. ففي مراجعة تلويّة مهمة نُشرت عام 2020 بقيادة "Avgerinos" وزملائه، جُمعت النتائج السريرية المتاحة حول الزعفران والوظائف الإدراكية.
وخلصت المراجعة إلى أن للزعفران تأثيرًا واعدًا ومعتدل القوة في تحسين الذاكرة والانتباه لدى المصابين بالخرف الخفيف إلى المتوسط، مع مستوى أمان جيد، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى الحاجة لمزيد من التجارب الأكبر حجمًا لتأكيد النتائج.
وتدعّم تلك الملاحظات نتائج مراجعات أحدث، منها تحليل شامل نُشر عام 2025 لفريق بقيادة "Norouzi" وآخرين ضمن منشورات "Springer Open"، والذي أكد أن تأثير الزعفران "مشجع ولكن غير حاسم"؛ نظرًا لمحدودية حجم العينات واعتماد معظم التجارب على تجمعات سكانية محلية، ما يستلزم توسيع نطاق الأبحاث عالميًا.
وتقدم الدراسات المعملية تفسيرًا بيولوجيًا لهذه النتائج؛ إذ تُظهر أبحاثا أن مركّب الكروسين قادر على تقليل الإجهاد التأكسدي، وتحسين توازن الناقلات العصبية، وتثبيط ترسب بروتينات بيتا-أميلويد وتاو المرتبطة بتطوّر الزهايمر.
لكن رغم ما سبق، يؤكد الباحثون أن الزعفران ليس بديلًا عن العلاجات المعتمدة مثل الدونيبيزيل والميمانتين، لكنه قد يمثل خيارًا تكميليًا آمنًا بجرعات مدروسة، مع ضرورة استشارة الطبيب قبل دمجه مع العلاج، والحصول عليه كمستخلص موحّد التركيز؛ لضمان الفاعلية والجودة.
وبينما تُظهر الأدلة حتى الآن صورة واعدة، إلا أن الخبراء يرون أن مستقبل استخدام الزعفران في علاج الاضطرابات المعرفية مرهون بتجارب سريرية أكبر، متعددة الجنسيات، تمتد لفترات أطول؛ لضمان ثبات النتائج وتحديد أفضل الجرعات والطرق التصنيعية.













0 تعليق