كرة القدم أصبحت أكبر من لعبة تلبى حاجة لدى عشاقها يصعب توصيفها، هى بالنسبة للجمهور البسيط، الذى أنتمى اليه، المساحة التى ينفعل فيها ويفرح ويغضب ويهتف لفريقه ويتباهى به ويغيظ خصومه، أو يصبر عليه على أمل أن يسترد عافيته إذا ساءت نتائجه. محليًا لدينا دورى يبدو قويًا، المنافسه فيه تاريخيًا كانت بين ناديين كبيرين، مؤخرًا ظهرت فرق أخرى حديثة «معاها فلوس كتير» باتت تهدد زعامة الفريقين، ولكنها لم تملك الجماهيرية الكافية التى تؤهلها لكتابة تاريخ فى اللعبة، مثل الأندية الجماهيرية التقليدية فى القاهرة والأقاليم.
طوال الوقت نتحدث عن فرق النقاط، عن الحكام الظالمين، عن انتقال فلان، ومستحقات علان، عن اتهامات ومؤامرات وصفقات، وبالطبع توجد جوقة من اللاعبين المتقاعدين فى الفضائيات توحى لك بأنك قوة عظمى فى اللعبة، وهذه المجموعة، التى تشكل الرأى العام فى الإعلام، تتقاضى رواتب تقترب من أجور اللعيبة الكبار، ولكن لا أحد منهم يهمه سعادة الجمهور البسيط الذى يحلم بمنتخب وطنى جسور قادر يليق ببلد فى حجم مصر.
بالطبع تأهلنا لكأس العام وبطولة الأمم الإفريقية إنجاز عظيم، فرحنا بالطبع، ولكن فرحًا أقل من هذا الإنجاز، وأقل من المرات السابقة، لماذا؟ لأنك لم تلعب كرة قدم جميلة، ولا يوجد انسجام بين اللاعبين، ولأن انتقاد المدرب الوطنى أصبح جريمة، فى حين أن من حقك أن تعبر عن رأيك فى شخص تحتفظ له بذكريات جميلة كلاعب كرة سابق، ولكنه لم يقنعك كمدرب، تأهلنا للبطولتين لأننا كنا محظوظين بالفرق المنافسة، التى كانت بوركينا فاسو أقواها، وهى من التصنيف الثانى، ولأن نصيب إفريقيا أصبح تسعة فرق.
خسارتنا أمام أوزبكستان، الجمعة الماضى، بهدفين مع الرأفة، يجب أن نتعامل معها باحترام ونركن الفهلوة على جنب، فريق ليس له تاريخ كبير، وتأهل لكأس العالم المقبل لأول مرة فى حياته، أعطى لنا درسًا فى فنون كرة القدم، كشفنا وفضح ادعاءات الذين يراهنون على منظومة مهترئة، ضيعت هيبة الكرة المصرية التى لا يخلو تاريخها من بعض الكرامات، اكتشفنا حين نلعب مع فرق كبيرة أننا أصبحنا صغارًا، كما فعلت كرواتيا معنا العام الماضى وكنا تحت قيادة حسام حسن، الذى رفض اللعب مع البرازيل مباراة ودية، وفضل اللعب مع أوزبكستان التى اعتقد أنها الفريق الذى سيجرب معه نظرياته فى التدريب، التى حار فيها الأطباء وأبناء السبيل، واعتمد فيها على عدد من اللاعبين عينة محمد هانى ومحمد حمدى ومروان عثمان ومحمد صبحى وما إلى ذلك.
اللاعبون المشهود لهم بالكفاءة مثل محمد صلاح وزيزو ومصطفى محمد أصبحوا مع نظريات حسام، الذى يصرخ على الخط طوال الوقت، مجرد هواة يشاهدون معنا المباراة على المقهى، شخصية المدرب القوية زيادة عن اللزوم، وعصبيته، وأزماته مع اللاعبين، كما حدث مع إمام عاشور ومصطفى محمد وأخيرًا ناصر ماهر، جعلتنا غير واثقين فى مستقبل هذا الفريق معه، ثم يأتى ويقول إن سبب الخسارة غياب بعض اللاعبين مثل محمد عبدالمنعم ومرموش وحمدى فتحى، كأن مصر غير قادرة على تقديم خمسة بدائل فى كل مركز.
والكلام على حسام ينطبق على أسامة نبيه الذى تسبب فى خيبة أمل كبيرة فى منتخب الشباب، الذى كان متواضعًا للغاية فى كأس العالم فى شيلى، رغم وجود مواهب واعدة، والذى فاز بالبطولة فيها منتخب المغرب، الذى يدربه شخص عبقرى اسمه محمد وهبى، لم يكن لاعب كرة قدم، ولكنه درس وتعلم وعايش فى فرق كبرى فى أوروبا، ويعمل ضمن منظومة محترمة رفعت من شأن الكرة المغربية فى كل المراحل السنية.
وينطبق الأمر على أحمد الكاس مع منتخب ١٧ سنة الذى ودع البطولة، أيضًا، لأننا على قدنا، فى الوقت الذى نجح فيه الأفارقة فى تغيير خريطة البطولة واللعبة فى كأس العالم لهذه المرحلة السنية، منتخب أوغندا على سبيل المثال يشارك لأول مرة فى تاريخه فى كأس العالم، كسب السنغال الذى لم يخسر من أول البطولة فى دور الـ٣٢ وصعد لثمن النهائى، بوركينا فاسو كسب ألمانيا حامل اللقب فى الدور نفسه، الذى لم يخسر من أول البطولة، بالإضافة الى التأهل المنطقى للمغرب ومالى، أربعة منتخبات من إفريقيا فى ثمن النهائى.
المفارقة أن منتخب مالى سيلعب مع المغرب، وبوركينا فاسو سيلعب مع أوغندا، ما يعنى أننا سنشاهد منتخبين من إفريقيا فى ربع النهائى، ولا أحد يستبعد أن يكون النهائى إفريقيًا خالصًا، ونحن هنا نراهن على فريق ريديف سيلعب بطولة عربية «فرز تالت» مع مدرب ينتمى لزمن الفن الجميل، ولكنه والحق يقال من نفس مدرسة حسام وأسامة والكاس.. وأفندية استديوهات التحليل.. وإذا سألتى: ما الحل؟ سأقول لك بقلب مطمئن: «معرفش».















0 تعليق