الخلافات حول النفقة: كيف تؤثر على العلاقات الأسرية والصحة النفسية؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع قرب انطلاق حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تعد فرصة للتوعية والحديث عن قضايا المرأة في المجتمع، تبرز بشكل لافت التحديات القانونية والاجتماعية التي ما زالت تعاني منها النساء في مصر. 

وتعد النزاعات الأسرية بين الزوجين، سواء بعد الانفصال أو في ظل الخلافات المستمرة، واحدة من أبرز القضايا التي تواجهها الأسر المصرية، إذ تتداخل فيها قضايا النفقة والحضانة والإقامة، وفي بعض الأحيان يتم الخلط بين هذه النزاعات وبين مفهوم العنف الأسري.

وأكد الدكتور علي عبدالراضي، أستاذ الطب النفسي والمتخصص في المشكلات الأسرية، أن الخلافات المتعلقة بالنفقة بين الزوجين لا تُعتبر عنفًا أسريًا، إلا إذا رافقها اعتداء جسدي أو تهديد لفظي. 

وأوضح أن هذه الخلافات تُعَّد جزءًا من النزاعات الأسرية التي تنشأ عادة بعد انفصال الزوجين، وليست بالضرورة مؤشرا على إساءة من الطرفين، بل هي مجرد تعقيدات قانونية واجتماعية يواجهها الزوجان عند الانفصال، وتتطلب حلولًا قانونية تهدف إلى تنظيم الحقوق المالية للطفل وتعزيز العلاقة بين الأبوين.

تفاوت الرغبات بين الزوجين وتأثيره على النزاع

أشار عبدالراضي في تصريحات خاصة لـ" الدستور"  إلى أن النزاعات حول النفقة غالبًا ما تحدث بسبب الاختلافات في رؤية كل طرف لمقدار المبلغ المستحق للطفل، حيث يسعى الزوج في بعض الحالات لتقليص النفقة بما يتناسب مع إمكانياته المالية، في حين تطمح الزوجة إلى الحصول على مبلغ أكبر لتغطية الاحتياجات المعيشية للطفل. 

وهذا التفاوت في الرغبات قد يؤدي إلى توترات متكررة بين الزوجين، خاصة في حال وجود محاولات لإثبات التفوق المالي أو الاجتماعي أمام الآخر، وهو ما يزيد من تعقيد العلاقة بينهما.

وأوضح عبدالراضي، أن هذه النزاعات قد تتفاقم بشكل أكبر إذا حاول أحد الزوجين فرض السيطرة على حياة الآخر، سواء من خلال تحديد أماكن الإقامة أو التحكم في طريقة التواصل مع الطفل، كما ذكر أن بعض الخلافات قد تتخذ شكل تهديدات متبادلة، وهو ما يصفه في علم النفس بـ "القهر النفسي"، الذي يزيد الضغط على الطرفين ويؤدي إلى تعقيد الأمور القانونية والاجتماعية.

الجانب النفسي للنزاعات الأسرية: تحديات كبيرة

وبالنسبة للجانب النفسي، أكد الدكتور عبدالراضي، أن النزاعات الأسرية التي تشمل مسائل مثل النفقة والحضانة تعد من أبرز التحديات النفسية التي يواجهها الأفراد بعد الطلاق أو الانفصال، فالتوتر المستمر والمشاعر السلبية الناتجة عن هذه النزاعات قد تؤثر سلبًا على الصحة النفسية للطرفين، خصوصًا إذا تداخلت هذه النزاعات مع محاولات السيطرة على الحياة الشخصية للطرف الآخر أو التحكم في علاقته بأطفاله، وأضاف أن بعض الأفراد قد يعانون من مشاعر الإحباط والضغط النفسي نتيجة لهذه النزاعات المستمرة.

وأشار عبدالراضي، إلى أن تدخلات مختصين في الطب النفسي قد تكون ضرورية لمساعدة الأطراف المعنية في التعامل مع هذه النزاعات بطريقة أكثر صحية، وذلك من خلال تقنيات التفاوض وحل النزاعات التي تسهم في التخفيف من حدة التوتر وتحقيق حلول توافقية للطرفين.

التعقيدات القانونية وكيفية التعامل معها

على الرغم من أن النزاعات حول النفقة قد تحسم في المحكمة، إلا أن تعقيداتها النفسية والاجتماعية تتطلب حلولًا متكاملة تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية بجانب القانونية، ومن هنا تأتي أهمية الاستعانة بالمحامين والمستشارين الأسريين الذين يمكنهم تقديم نصائح قانونية وواقعية لحل هذه القضايا بعيدا عن العنف أو الضغط النفسي.

وأكد عبدالراضي، أن الحلول القانونية في هذا المجال يجب أن تكون مرنة بما يكفي لتلائم احتياجات الطفل، كما يجب أن تأخذ في الحسبان الوضع المالي والنفسي للطرفين على حد سواء، مما يساعد على تحقيق التوازن بين حقوق الطفل وحقوق الأبوين.

وشدد عبدالراضي، على ضرورة تحسين الوعي المجتمعي حول مفهوم النزاع الأسري والنفقة، وفصلها عن المفهوم الخاطئ للعنف الأسري، خاصة في المجتمعات التي قد يختلط فيها كلا المصطلحين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق