قال الأستاذ الدكتور ميسرة عبدالله حسين، أستاذ الآثار والديانة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن دراسة الموسيقى في مصر القديمة تمثل نافذة حقيقية لفهم الهوية المصرية وامتدادها التاريخي والثقافي، مشيرًا إلى أن الموسيقى لم تكن ترفيهًا أو لهوًا، بل كانت طقسًا من طقوس الحياة والبعث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالروح والوجدان المصري منذ آلاف السنين.
وأوضح الدكتور ميسرة حسين، خلال كلمته في ندوة «أنغام من قلب التاريخ» التي نظمتها دار الكتب والوثائق القومية احتفالًا بافتتاح المتحف المصري الكبير، أن المصري القديم جعل الموسيقى جزءًا أصيلًا من تفاصيل حياته اليومية والدينية والاجتماعية، واستخدمها في التعبير عن المشاعر والاحتفالات والطقوس الجنائزية على حد سواء.
وأضاف أن النقوش والمناظر التي تركها المصريون القدماء توثق بدقة مهارة العازفين وتنوع الآلات الموسيقية المستخدمة، ما يعكس وعيًا فنيًا مبكرًا وعمقًا حضاريًا في فهم الإيقاع والتناغم، لافتًا: إلى أن "إحساسنا بالموسيقى القديمة هو في جوهره إحساس بهويتنا وذاتنا وماضينا ومستقبلنا".
وأشار إلى أن الوعي بالتراث هو السبيل الحقيقي لبناء المستقبل، موضحًا أن معرفة المصريين بتاريخهم تسهم في ترسيخ انتمائهم وهويتهم الوطنية.
واستشهد في هذا السياق بما قاله أحد المستشرقين قديمًا "لو علم المصريون تاريخهم لأخذوه منا"، في إشارة إلى أهمية استعادة المصريين لدورهم في دراسة تاريخهم وحضارتهم.
كما استعرض الدكتور ميسرة حسين، جذور علم الآثار في مصر، موضحًا أن بداياته كانت برؤية وطنية خالصة على يد علي باشا مبارك في القرن التاسع عشر، حين أنشأ مدرسة “اللسان المصري” عام 1868 لتدريس علم الآثار للمصريين، مؤكدًا أن رموزًا وطنية مثل أحمد باشا كمال أسهموا لاحقًا في إعادة الوعي الأثري والثقافي للمجتمع المصري.
وشدد على أن الموسيقى كانت مرآة للهوية المصرية التي ظلت نابضة بالحياة عبر العصور، وأن إحياء التراث الموسيقي المصري القديم ليس مجرد دراسة أكاديمية، بل فعل ثقافي وإنساني يعيد للوجدان المصري صوته الأصيل.


















0 تعليق