ماذا يحدث فى مالى؟!

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أزمة أمنية واقتصادية خانقة تعيشها دولة مالى الشقيقة، دفعت عددًا من الدول إلى تحذير رعاياها من البقاء فى البلاد أو السفر إليها، فى ظل تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية وامتداده من مناطق الساحل إلى العمق، وتزايد الهجمات على خطوط الإمداد الحيوية. وفى تقرير نشرته، أمس الأحد، رأت مجلة «لوبوان» أن تحويل جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الوقودَ إلى أداة حرب يُكرّس نمطًا من «الحرب الهجينة وغير المتكافئة» يهدّد استقرار مالى ودول الجوار.

المجلة الفرنسية حذّرت من أن مالى والنيجر وبوركينا فاسو باتت مختبرًا مفتوحًا لهذا النمط من الحرب الهجينة، وأن «عدوى الاختناق» قابلة، أو مرشحة، للتمدّد إلى دول الساحل، عبر شبكات الطرق العابرة للحدود، بما يهدّد منظومة الاتحاد الاقتصادى والنقدى لغرب إفريقيا بالكامل، حال استمرار الحصار. كما طال التحذير المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المعروفة اختصارًا باسم «إيكواس»، والتى يلومها مراقبون، ونحن معهم، على تغليب الحسابات السياسية على معالجة الجذور البنيوية للأزمة.

بلسان متحدثها فى الجنوب والغرب، أعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لـ«تنظيم القاعدة»، فى بداية سبتمبر الماضى، عن حظر الوقود المتجه إلى العاصمة. وبالفعل، فرض مسلحو الجماعة حصارًا بريًا على باماكو، التى تعتمد ٩٠٪ من تجارتها على موانئ دول الجوار، و... و... وبالتالى، توقفت الدراسة بالمدارس والجامعات، وارتفعت أسعار السلع، بينما تواجه المستشفيات والمصانع خطر الإغلاق الكامل. وفى تطور مقلق يعكس تفاقم الأزمة الأمنية، أعلنت الجماعة الإرهابية عن اختطافها ثلاثة مصريين غربى البلاد، وطلبت فدية مالية قيمتها خمسة ملايين دولار، لإطلاق سراحهم!

قيل إن محاولة الجماعة الإرهابية خنق باماكو تستهدف فرض سيطرتها على العاصمة، وتحقيق الهدف الذى تسعى إليه وهو الوصول إلى حكم مالى. لكن الأرجح هو أن الهدف ليس السيطرة على باماكو، المدينة التى يتجاوز عدد سكانها الـ٣.٥ مليون نسمة وتخضع لتحصينات واسعة، بل شلّ الدولة واستنزافها، إذ تقوم الجماعة عبر حواجز متنقلة، بقطع الطرق ومهاجمة القوافل، قبل الانسحاب إلى المناطق الريفية وسط التضاريس الوعرة والغابات النهرية، متجنّبة المواجهة المباشرة مع القوات المالية الحكومية.

المهم، هو أن وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين فى الخارج قالت، فى بيان أصدرته، أمس الأحد، إنها «تتابع التطورات الجارية وأوضاع المواطنين المصريين فى جمهورية مالى»، مؤكدة ضرورة الالتزام بتعليمات وقوانين السلطات المالية، وحمل الأوراق الثبوتية، والحد من التحركات، وعدم السفر من العاصمة إلى المدن والأقاليم الأخرى، وتوخى الحذر اللازم عند أى تحرك فى الوقت الراهن. وأشار البيان إلى تخصيص أرقام طوارئ للتواصل فى الحالات العاجلة، شملت الخط الساخن للسفارة المصرية فى باماكو عبر تطبيق «واتس آب» ورقم السفارة الأرضى، والخط الساخن للقطاع القنصلى بوزارة الخارجية فى القاهرة. وأكدت الوزارة أن السفارة المصرية تواصل بذل الجهود لدعم أبناء الجالية، والقيام بالاتصالات اللازمة مع السلطات المعنية، لمتابعة أوضاعهم والتعامل السريع مع أى مستجدات.

كانت مالى هى المحطة الرابعة فى جولة وزير الخارجية الإفريقية، أواخر يوليو الماضى، التى شملت نيجيريا، بوركينا فاسو، النيجر، والسنغال، وشهدت تبادلًا للرؤى حول مختلف التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها مُستجدات الأوضاع السياسية والأمنية فى منطقة الساحل وغرب القارة السمراء، وتصاعد أعمال العنف واتساع رقعة أنشطة الجماعات الإرهابية. والأهم، هو أن الدكتور بدر عبدالعاطى أكد، خلال تلك الجولة، استمرار الجهود المصرية لتعزيز الاستقرار فى منطقة الساحل، مستعرضًا رؤية مصر الشاملة فى التعامل مع التحديات التى تواجه دول المنطقة، ودعم جهود الحكومات الوطنية ومؤسسات الدولة، بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها فى حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الزخم الذى تشهده العلاقات المصرية الإفريقية فى الآونة الأخيرة، والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، أسست لمسار متنامٍ من التعاون فى مجالات التعليم، والصحة، وبناء القدرات، ومكافحة الفكر المتطرف، ودعم العمل الإفريقى المشترك فى إطار الاتحاد الإفريقى والمنظمات الإقليمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق