في ذكراه.. هانس شلبين رائد الكيمياء الحيوية الذي قاده العلم لـ"نوبل"

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يعد العالم هانس فون أويلر شلبين واحدًا من أبرز رواد الكيمياء الحيوية في القرن العشرين، وأحد العلماء الذين ساهموا في بناء الأسس العلمية لفهم العمليات الحيوية داخل الخلايا، حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1929 تقديرًا لاكتشافاته في مجال التخمر ودوره في توضيح كيفية تحويل الطاقة داخل الكائنات الحية، وهو إنجاز فتح الباب أمام تطور علم البيوكيمياء الحديث.

نشأة علمية في ألمانيا وانتقال إلى السويد

ولد هانس فون أويلر شلبين في 15 فبراير 1873 بمدينة أوجسبورج بألمانيا، في عائلة علمية وثقافية، ثم حصل على الجنسية السويدية لاحقًا بعد انتقاله إلى استوكهولم، درس في جامعات ألمانيا قبل أن يتجه إلى السويد، حيث التحق بجامعة استوكهولم، وهناك وجد البيئة المناسبة لأبحاثه التي جمعت بين الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا، عرف منذ بداياته بشغفه بالتحليل الدقيق للعمليات الحيوية على المستوى الجزيئي، وبقدرته على المزج بين النظريات العلمية والتطبيق العملي.

اكتشافات رائدة في مجال التخمر والطاقة الخلوية

تركزت أبحاث فون أويلر على فهم عمليات التخمر، وهي العملية التي تقوم فيها الكائنات الدقيقة بتحويل المواد العضوية إلى طاقة، كان هدفه الأساسي معرفة الإنزيمات المسؤولة عن تلك العملية، وهو ما كان يعد في ذلك الوقت من الألغاز العلمية، بالتعاون مع العالم الألماني آرثر هاردن، توصل فون أويلر إلى اكتشاف دور الفوسفور في عمليات التخمر، مما مكن العلماء من فهم كيفية توليد الطاقة في الخلايا.

نقطة تحول في فهم طاقة الحياة

هذا الاكتشاف لم يكن مجرد خطوة في علم الكيمياء الحيوية، بل شكل نقطة تحول في فهم طبيعة الحياة ذاتها، فقد ساعد العلماء على تفسير كيفية إنتاج جزيئات الطاقة (ATP)، التي تعد المصدر الأساسي للحياة في كل خلية، وبفضل هذا الإنجاز، تقاسم فون أويلر شلبين وهاردن جائزة نوبل في الكيمياء عام 1929، ليصبح أول عالم سويدي يحصل عليها في هذا المجال.

إسهامات مستمرة في الكيمياء الحيوية والتعليم

لم تتوقف إسهاماته عند ذلك الحد، إذ واصل أبحاثه في دراسة الفيتامينات، والإنزيمات، والبروتينات، وأسهم في تطوير العديد من الأساليب التحليلية التي ما زالت تستخدم في المختبرات حتى اليوم، كما ألف أكثر من 400 بحث علمي وكتاب، تناولت موضوعات متعددة في الكيمياء الحيوية، وكان له تأثير كبير في تعليم أجيال من العلماء والباحثين في السويد وأوروبا.

تميز فون أويلر شلبين بشخصية تجمع بين الصرامة العلمية والفضول الإبداعي، وكان من أوائل العلماء الذين نادوا بضرورة ربط العلوم الطبيعية بالطب التطبيقي لفهم الأمراض من منظور كيميائي، كما شغل منصب أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية بجامعة استوكهولم، وأسس مدرسة علمية خرجت نخبة من الباحثين الذين واصلوا إرثه العلمي.

إرث علمي خالد

توفي هانس فون أويلر شلبين عام 1964 عن عمر يناهز 91 عامًا، بعد حياة حافلة بالاكتشاف والعطاء العلمي، ترك وراءه إرثًا خالدًا، وجعل من اسمه علامة مضيئة في تاريخ العلم الحديث، واليوم، يذكر هذا العالم العظيم باعتباره أحد الآباء المؤسسين للكيمياء الحيوية، ومن العلماء الذين أثبتوا أن البحث في أسرار الحياة هو الطريق الأجمل لفهم الإنسان والعالم من حوله.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق