في موقف يعكس تصلبًا واضحًا في الموقف الإيراني، أعلنت طهران أن برنامجها الصاروخي “خارج طاولة أي تفاوض” مع الولايات المتحدة، ما أعاد الجدل حول مستقبل المحادثات النووية المعلقة.
وجاء التصريح على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أكد أن “القوة الدفاعية الإيرانية خط أحمر لا يمكن التنازل عنه”، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين البلدين بعد فشل جهود وساطة أوروبية لإحياء الاتفاق النووي.
رسالة سياسية حاسمة
التصريحات الأخيرة حملت رسالة مزدوجة: من جهة، إصرار إيران على تثبيت موقعها كقوة إقليمية لا تخضع للابتزاز، ومن جهة أخرى، رغبتها في إبقاء الباب مواربًا أمام تفاوض محدود لا يتجاوز الملف النووي.
وقال علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إن بلاده لا ترفض مبدأ الحوار مع واشنطن، لكنها “ترفض أي تفاوض يمس سيادتها أو قدراتها الدفاعية”.
ملف الصواريخ.. خط أحمر إيراني
ترى القيادة الإيرانية أن برنامجها الصاروخي يمثل ركيزة أساسية في أمنها القومي، وأن أي محاولة لدمجه ضمن المفاوضات النووية تُعد “تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية”.
وفي المقابل، تطالب واشنطن ومعها العواصم الأوروبية بضرورة توسيع نطاق المفاوضات ليشمل الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما تعتبره طهران مساسًا “بهيبتها العسكرية”.
التوقيت ليس صدفة
يأتي هذا التشدد الإيراني في لحظة إقليمية حساسة، بعد سلسلة ضربات إسرائيلية استهدفت مواقع نووية داخل إيران، ومحاولات غربية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
ويرى مراقبون أن القيادة الإيرانية تسعى إلى تثبيت موقفها التفاوضي من موقع القوة قبل أي حوار جديد، عبر إبراز قدراتها الدفاعية والنووية في آن واحد.
خيارات واشنطن محدودة
في واشنطن، تتعامل الإدارة الأميركية بحذر مع التصريحات الإيرانية، مدركة أن أي تصعيد علني قد يُقوّض فرص التفاهم.
مصادر دبلوماسية نقلت أن البيت الأبيض لا يزال يدرس “قنوات خلفية” للحوار، لكن دون تقديم تنازلات تتعلق بتخفيف العقوبات قبل تحقيق التزامات نووية ملموسة من طهران.
مستقبل غامض للمفاوضات
يرى محللون أن إيران تمارس سياسة الباب نصف المفتوح؛ فهي لا تُغلق الحوار كليًا لكنها تضع خطوطًا حمراء تجعل أي اتفاق شامل أمرًا شبه مستحيل في المدى القريب.
ويعتقد آخرون أن تشدد طهران يعكس أيضًا توازنًا داخليًا هشًا بين التيار المحافظ المتشدد والإصلاحيين الذين يخشون عزلة دولية متزايدة.
مواجهة مباشرة
بهذا الموقف، تؤكد إيران أنها لن تتراجع عن برامجها الدفاعية تحت الضغط، لكنها في الوقت ذاته لا ترغب في مواجهة مباشرة قد تُعيدها إلى عزلة العقوبات القصوى.
وما بين الإصرار والسياسة، يبدو أن طهران تُغلق الباب بيدٍ وتتركه مواربًا بالأخرى، في انتظار عرض أميركي “مختلف” يعيد ترتيب أوراق المنطقة.















0 تعليق