شكري سرحان… الوجه الذي يتحدث بصمت

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هناك على الشاشة، حيث الكلمات أحيانًا عاجزة عن وصف المشاعر، يقف شكري سرحان، صامتًا، لكنه يتحدث بصوت كل إنسان عادي، بصمت يحمل صدق الحياة وهمومها وفرحها. كل نظرة منه، كل حركة، كل صمت، كان كأنه يدعو المشاهد ليعيش معه لحظة الحقيقة، لحظة الإنسان الذي يختبئ خلف ألف دور وحكاية.

بدأ رحلته منذ الأربعينيات، وظهر سريعًا كوجه مألوف وقلب نابض في السينما المصرية. لم يسعَ وراء الشهرة أو الأضواء، بل كان يطلب شيئًا أعمق: أن تصل مشاعر الشخصيات إلى قلب المشاهد، أن يرى الحياة كما هي، بلا تصنع أو مبالغة.

في أفلامه مثل “اللص والكلاب” و*“شباب امرأة”* و*“الزوجة الثانية”*، تجسدت إنسانيته بكل أبعادها: الرومانسية، الحزن، الحب، الصراع، الأمل واليأس. وكان قادرًا على جعل كل لحظة صغيرة، كل همسة، كل صمت، تحكي أكثر مما تحكيه الكلمات.

ما ميّزه حقًا ليس موهبته فقط، بل نزاهته وأخلاقه. كان مثالًا للفنان الذي يحترم نفسه وفنه وزملاءه، وعيونه كانت أبلغ من أي نص مكتوب. حضور شكري سرحان كان صادقًا، خالصًا، خالدًا، يجعل كل من شاهده يشعر بأن الفن ليس مجرد تمثيل، بل حياة تُعاش وتُحس.

حتى بعد ابتعاده عن الأضواء، بقي اسمه حاضرًا، يتردد في ذاكرة السينما العربية، كرمز للصدق والإنسانية، وكنز يُستلهم منه الأجيال الجديدة.

شكري سرحان لم يكن مجرد ممثل، بل كان الوجه الذي يتحدث بصمت، الصوت الذي يسمع قلبك قبل أذنك، والروح التي تبقى حيّة في كل مشهد وكل ذكرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق