فؤاد سراج الدين.. حمل راية الوفد من زمن الباشوات إلى عهد الثورة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم 2 نوفمبر من عام 1906، ولد محمد فؤاد سراج الدين باشا، أحد أبرز الوجوه السياسية في تاريخ مصر الحديث، والذى جمع بين الوجاهة الاجتماعية والنفوذ السياسي، وكان شاهدًا على أهم التحولات التي شهدتها الحياة الحزبية المصرية من زمن الباشوات إلى زمن الثوار.

ينتمي سراج الدين إلى أسرة من كبار ملاك الأراضي في دلتا مصر، ارتبطت بالمصاهرة بعائلة «البدراوي عاشور»، ما منحه مكانة اجتماعية مرموقة فتحت له أبواب السياسة مبكرًا، وبعد تخرجه في كلية الحقوق، التحق بالنيابة العامة لفترة قصيرة قبل أن يتفرغ لإدارة أعماله الزراعية، ليصبح واحدًا من أبرز أثرياء جيله، الأمر الذي أهله لدخول حزب الوفد عام 1936، بعد أن اختاره مصطفى النحاس باشا بنفسه ضمن القيادة العليا للحزب، تقديرًا لتبرعاته السخية لخزانة الوفد.

 

كان دخوله الحزب الشعبي ممثلًا للطبقة الثرية تحولًا لافتًا في بنية «الوفد»، إذ أصبح الباشا الشاب حلقة الوصل بين النخبة الأرستقراطية وزعيم الشعب، وهو ما زاد نفوذه داخل الحزب وأثار توترات مع مكرم عبيد سكرتير عام الوفد، حتى انتهت العلاقة التاريخية بين النحاس وعبيد بخروج الأخير، فيما وصف سراج الدين بأنه من مهندسي تلك الأزمة.

 

تولى سراج الدين عدة مناصب وزارية في حكومات الوفد، لكن أهمها كان وزارة الداخلية عام 1950، حين اندلعت الأحداث الدامية في الإسماعيلية بين الشرطة والقوات البريطانية يوم 25 يناير 1952، أعقبها بيوم واحد حريق القاهرة الذي أتى على وسط العاصمة، وقد اتهم الوزير وقتها بالتقصير، بل وراجت رواية أوردها الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل بأنه كان منشغلًا في إتمام صفقة شراء عقار بشارع عبد الخالق ثروت أثناء احتراق المدينة، غير أن المؤرخ رءوف عباس دافع عنه مؤكدًا أن القصة كانت محاولة لتحميله مسؤولية سياسية لتبرير إقالة حكومة الوفد.

 

ورغم الجدل، لا يمكن إنكار أن سراج الدين لعب دورًا مهمًا في دعم حركة الفدائيين بمنطقة القناة عام 1951 ضد الاحتلال البريطاني، إذ أشرف بصفته وزيرًا للداخلية على تمويل وتسليح المجموعات الوطنية، وفقًا لما أكده عدد من قادة تلك المرحلة، ومع قيام ثورة 23 يوليو 1952، انتهى عهد الباشوات، فاعتقل سراج الدين، وصودرت ممتلكاته، وغابت أحلامه السياسية مؤقتًا.

 

لكن الرجل لم يستسلم، فعندما تولى أنور السادات الحكم، سعى سراج الدين لإحياء حزب الوفد، ورغم رفض الرئيس، لجأ الباشا إلى القضاء، ليصدر حكم بعودة الحزب تحت اسم «الوفد الجديد» في سبعينيات القرن العشرين، ورغم الضجيج الإعلامي الذي أحاط بالحزب، لم يستعد الوفد مكانته القديمة، وبقي أسير إرث زعيمه التاريخي الذي رحل في 9 أغسطس 2000 عن عمر ناهز 94 عامًا.

 

رحل فؤاد سراج الدين وبقيت سيرته مثار نقاش بين المؤرخين والسياسيين، فهو الباشا الذي مثل جسرًا بين زمنين، والذى جمع بين الوطنية والمصالح، وبين الوفد القديم والجديد، وتبقى ذكراه في 2 نوفمبر من كل عام تذكيرًا بتاريخ رجل صنع حضورًا لافتًا في الحياة السياسية المصرية، وترك وراءه قصة معقدة تروى فصولها الأجيال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق