شوقي علام: الخلاف الفقهي مساحة رحمة تشريعية.. والقول الضعيف قد يُعمل به للمصلحة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، إن الخلاف الفقهي نعمة إلهية كبرى يجب استثمارها لصالح الناس والمجتمع، مؤكدًا أن تنوع الآراء بين العلماء عبر التاريخ الإسلامي لم يكن عبثًا، بل يمثل ثروة تشريعية تمنح الدولة والمجتمع مرونة في التعامل مع المتغيرات، بما يحقق مقاصد الشريعة في كل زمان ومكان.

وأوضح فضيلته، خلال حديثه عبر قناة "الناس"، أن أول مجالات هذا الاستثمار هو المجال التشريعي، حيث تستفيد السلطة التشريعية كمجلس النواب أو البرلمان من تعدد الآراء الفقهية في سن القوانين التي تراعي مصالح الناس وتطور حياتهم.

وأضاف أن عمل السلطة التشريعية يقوم على شقين: أحدهما يتعلق بـ"الثوابت" كتحريم القتل والسرقة والفساد، وهي جرائم لا يبيحها عقل ولا دين، والآخر يتعلق بـ"المختلف فيه"، وهو مساحة واسعة للاجتهاد واختيار الأنسب لحركة المجتمع وتغير أحواله.

وبيّن الدكتور شوقي علام أن من أهم مظاهر هذا الاجتهاد ما يعرف في الفقه المالكي بمبدأ "ما جرى به العمل"، موضحًا أن القول الفقهي الضعيف لا يُعمل به عادة، لكن قد يُؤخذ به إذا رأى العلماء المعتبرون أنه يحقق مصلحة حقيقية للمجتمع، وبذلك يتحول القول الضعيف إلى راجح في مقام التطبيق والفتوى، تحقيقًا لمقصد الشريعة في جلب المصلحة ودرء المفسدة.

كما أشاد فضيلته بصياغة المادة الثانية من الدستور المصري التي نصت على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، معتبرًا أن كلمة "مبادئ" جاءت دقيقة في دلالتها، إذ تقتصر على الدوائر القطعية من الشريعة التي لا يجوز مخالفتها، بخلاف "الأحكام" التي تشمل المتغير والاجتهادي منها.

 وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا أكدت هذا الفهم، إذ تعتبر مخالفة المبادئ القطعية خروجًا عن الدستور.

وأكد على أن استثمار الخلاف الفقهي والأخذ بالرأي الذي يحقق مصلحة الناس هو من مظاهر رحمة الشريعة وسعتها، التي جعلت الفقه الإسلامي قادرًا على مواكبة العصور وتغير الأحوال دون أن يفقد ثوابته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق