كلما أبهرت مصر العالم بإنجاز جديد، أو وقفت شامخة في لحظة مجد، يشتعل حقد جماعة الإخوان الإرهابية كالنار في الهشيم، لم يكن هذا المشهد طارئا، بل صار جزءا من طبيعة الجماعة التي لا ترى في فرح المصريين إلا نكبة لها، ولا في نجاح الدولة إلا صفعة على وجه مشروعها المريض الذي أراد اختطاف هوية الوطن وتحويله إلى إمارةٍ ظلامية تدار بالولاء والطاعة لا بالكفاءة والإنجاز.
في كل مناسبة وطنية أو إنجاز حضاري، تبدأ ماكينة الإخوان الإعلامية الممتدة من إسطنبول إلى لندن في بث السموم والشائعات، وترويج الأكاذيب عبر صفحاتهم ومنابرهم التي فقدت المصداقية، محاولين تشويه كل ما يعيد الثقة للمصريين في دولتهم، ويؤكد للعالم أن مصر عادت لتقود لا لتقاد.
وأحدث هذه المحاولات البائسة جاءت بالتزامن مع الافتتاح الأسطوري للمتحف المصري الكبير، الذي سيتابعه العالم في بث حي من قلب الجيزة، بحضور أكثر من ٤٠ رئيس دولة وممثلين عن كبرى المؤسسات الثقافية العالمية.
في الوقت الذي كان فيه المصريون يحتفلون بحدث حضاري غير مسبوق في تاريخ المنطقة، كانت الأبواق الإخوانية تشتعل غيظا وتبث أكاذيبها كالعادة، في مشهد يعكس أن كراهية الجماعة لمصر باتت أيديولوجيا كاملة لا تعالجها سوى الحقيقة والنجاح.
لا ينكر منصف أن المتابع لأبواق الحماعة الإرهابية ولجانها الإلكترونية في لندن وإسطنبول سيكتشف أنه كةما أبهرت مصر العالم، اشتعل الإخوان غيظا، وكلما حققت الدولة إنجازًا، انهار مشروعهم القائم على الكراهية والتشكيك، ولن ينكر عاقل أيضا أن الحقيقة الثابتة هي أن مصر لا تنتصر بالحقد، بل بالعمل، ولا تتحدث بلغة المؤامرة، بل بلغة الحضارة.
لقد حاولت الجماعة أن تسرق مصر يومًا، فاستعادت مصر نفسها، واليوم تُريهم من خلال المتحف الكبير أن الحضارة لا تبنى بالشعارات، بل بالعرق والعلم والإرادة.
لم يكن افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد حدث ثقافي، بل بيان وطني موجه إلى العالم مفاده أن مصر القديمة التي علمت البشرية الكتابة، ومصر الحديثة التي تواجه الإرهاب وتبني المستقبل، هما وجهان لعملة واحدة اسمها العظمة المصرية، أما الإخوان، فلهم أن يواصلوا الغرق في مستنقع حقدهم؛ لأن التاريخ لا يذكر الكارهين، بل من صنعوا الحضارة.
**الإخوان.. كراهية بنيوية ضد كل ما هو مصري
منذ نشأتها عام 1928، حملت جماعة الإخوان المسلمين بذور العداء لكل ما هو وطني. فالجماعة لم تُبنَ على فكرة الانتماء لمصر، بل على الانتماء لتنظيمٍ عابرٍ للحدود، يرى في الوطنية "وثنًا"، وفي الهوية المصرية "خصمًا" لهوية التنظيم الأممية.
لم يكن غريبا أن يتعامل الإخوان مع كل نجاح وطني باعتباره تهديدا لمشروعهم العقائدي، واعتبار أي نجاح للدولة يعني فشل التنظيم، وإبهار المصريين للعالم يعني سقوط دعايتهم التي طالما روجت أن مصر "منهارة" وأن النظام معزول، وأن "الجيش في خصومة مع الشعب.
لتحولت كراهية الجماعة لمصر إلى مكون نفسي داخل خطابها الإعلامي، فحينما تنظم الدولة حدثا كبيرا، تبدأ قنواتهم وصفحاتهم ببث الشائعات حول التكلفة أو الفساد، أو حتى اتهام الدولة بأنها تستعرض في وقت يعاني فيه الآخرون من الأزمات!
وأثبتت تلك الشائعات إنها عقلية مريضة لا تعرف معنى الفخر الوطني، بل تراه رجسا من عمل الشيطان.
**من غزة إلى المتحف الكبير.. تشويه متواصل لوجه مصر
في قضية غزة، على سبيل المثال، كشفت الجماعة عن وجهها الحقيقي؛ لم يكن همها وقف العدوان أو حماية المدنيين، بل استغلال المأساة لتشويه مصر. فحين قادت القاهرة وساطة ناجحة لوقف إطلاق النار وحماية الفلسطينيين، خرجت أذرع الإخوان تتحدث عن صفقات مزعومة، وتواطؤ متجاهلين أن العالم كله من واشنطن إلى بروكسل، أشاد بالدور المصري في تثبيت الهدنة وفتح معبر رفح وتقديم المساعدات.
ثم جاءت مبادرة إعادة إعمار غزة لتُظهر الفارق بين من يعمل ومن يتاجر، فبينما حشدت مصر الدعم العربي والدولي لإعادة الإعمار، كانت قنوات الإخوان تتحدث عن استعراض إعلامي، وكأن دعم الفلسطينيين أصبح جريمة إذا جاء عبر الدولة المصرية!
واليوم، مع افتتاح المتحف المصري الكبير، تكرر المشهد ذاته، ففي الوقت الذي يحتفل فيه الشعب المصري، ووسائل الإعلام العالمية تفيض إعجابا بعظمة الحدث، تجد المنصات الإخوانية تغلي حقدا، وتبث شائعات حول إهدار المال العام، ودعاية سياسية، بل وصل الأمر إلى التشكيك في الحضور الدولي وادعاء أنهم لن يشاركوا الاحتفالية، وهو نهج الجماعة المستمر منذ تأسيسها فهم يعتمدون على الحرب القديمة نفسها وهي حرب الشائعات ضد الفخر الوطني.
**المتحف الكبير.. صفعة حضارية على وجه الجماعة
يعد المتحف المصري الكبير أعظم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين، ليس فقط لاحتوائه على أكثر من آلاف القطع الأثرية النادرة، من بينها كنوز الملك توت عنخ آمون التي تعرض لأول مرة كاملة في مكان واحد، بل لأنه رسالة من مصر للعالم بأنها عادت لتتحدث بلغة الحضارة لا الصراع.
 وقبل لحظة الافتتاح، بدت القاهرة وكأنها تستعيد مجدها القديم وتقدمه للعالم في ثوب عصري حديث، فالشوارع المضيئة المبهرة، والتنظيم الدقيق، والحضور الدولي الضخم، سيجعل من الحدث حديث الصحف العالمية، غير أن هذا النجاح الحضاري لم يترجم في قاموس الإخوان إلا إلى هزيمة معنوية،
فالمتحف الكبير يجسد ما تكرهه الجماعة وهو الهوية المصرية الأصيلة، والاعتزاز بالوطن، والقدرة على العمل الجماعي بعيدا عن الأيديولوجيا.
وهذا ما يشرحه الإعلامي والباحث السياسي الدكتور حسام الغمري بقوله: رسالة المتحف المصري الكبير تأتي في ظل مخططات تقسيم المنطقة على أسس عرقية ومذهبية وطائفية، لتؤكد أن مصر تقف على أرض صلبة بهويتها الجامعة، التي صمدت آلاف السنين أمام كل محاولات التمزيق".
ويضيف الغمري في حديثه: "افتتاح المتحف يقول للإخوان الإرهابيين إن مصر عصية على مشاريعهم التفتيتية، فبينما تحترق المنطقة بالحروب والصراعات، تطل مصر كطائر العنقاء من تحت الركام، وقد نفضت غبار مؤامرة 2011 لتؤكد أنها الدولة التي قامت على العمل والجدية، لا على الشعارات الزائفة".
ويتابع الغمري موضحًا: "هذا الحدث لا يُغضب الإخوان فقط، بل يحرق أيضًا مخططاتهم الشيطانية المتحالفة مع الصهيونية؛ لأن المتحف يعيد للمصريين ثقتهم بأنفسهم، ويرفع عند الشباب شعور الفخر والانتماء والاعتزاز بالمجد الوطني. كل ذلك يفشل مخطط الجماعة التي قامت على محو الذاكرة الوطنية وإحلال هوية التنظيم محلها".
**حرب الشائعات.. سلاح الجماعة المتهالك
منذ سقوط حكمها في 2013، لم تعد جماعة الإخوان الإرهابية تملك سوى سلاح واحد يتمثل في الشائعة، التي تطلقها عبر لجانها الإلكترونية، وتعيد تدويرها في قنواتها، ثم تغذيها بحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لتخلق وهما بوجود أزمة.
في حالة المتحف الكبير، بدأت هذه الحرب قبل الافتتاح بأيام، حين ادعت كذبا قنوات الجماعة أن الحدث تأجل بسبب خلافات تنظيمية، ثم ادعت أن الحضور الدولي ضعيف، ثم انتقلت إلى مرحلة السخرية من تصميم المبنى والتماثيل، وعندما اقترب موعد حفل الافتتاح، التزمت بعض تلك القنوات الصمت، بينما لجأ البعض الآخر إلى تزييف الحقائق في محاولة منه لتشويه الصورة.
ويعلق الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة طارق أبو السعد على هذا السلوك قائلًا: "الجماعة بعد أن فشلت في كل معاركها السياسية والتنظيمية، لم يعد في جعبتها سوى المعارك الوهمية، فهدفها هو تعكير صفو المناخ العام المصري دائما.
ويضيف أبو السعد: "هم يعلمون أن أي نجاح تحققه الدولة، خاصة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسقط دعايتهم الكاذبة بأن مصر تعيش عزلة أو فشلا اقتصاديا، لذا فإن حفل المتحف الكبير بالنسبة لهم ليس مجرد مناسبة، بل كابوس يؤكد أن الدولة تسير بثقة نحو المستقبل، وأن العالم يصفق لمصر بينما يلفظهم التاريخ.
ويشير الباحث إلى أن الجماعة تسعى دائمًا لإحداث ضجيج إعلامي يغطّي على الإنجازات الكبرى، قائلا: "بعد مؤتمر السلام الدولي، ونجاح مصر في فرض وقف العدوان على غزة، ثم التحضير لمؤتمر إعمار القطاع، كانت الجماعة تبحث عن وسيلة لتقليل هذا الزخم، فجاء المتحف الكبير ليضاعف ألمهم، فقرروا تفريغ جرعات الحقد التي بداخلهم في معركة عبثية جديدة، لكنها معركة تكشف فشلهم أكثر مما تعكر صفو المصريين".
**سر كراهية الجماعة الإرهابية لنجاحات الدولة المصرية
 قد يتساءل البعض: لماذا يكره الإخوان كل ما يفرح به المصريون؟
الإجابة تكمن في البنية النفسية والتنظيمية للجماعة، فالإخوان لا يرون مصر وطنا بل ساحةً لنشاط التنظيم، والنجاح الوطني يعني أن الدولة القومية قوية، وأن المصريين متماسكين حول مؤسساتهم، وهو ما يعني في المقابل موت مشروع الخلافة الذي بني على أنقاض الوطن، كما أن نجاح مصر في تقديم نموذج حداثي متصالح مع تراثه يكشف فشل الإخوان في إدارة أي ملف حضاري أو ثقافي، فالجماعة التي أرادت أن تمحو التماثيل وتمنع الفنون، تجد نفسها اليوم أمام متحف عالمي يجذب ملوك ورؤساء العالم، فيرسخ قوة مصر الناعمة، ويُعيد الاعتبار لهويتها الفريدة.
وفي البعد السياسي، فإن كل حفل دولي أو مؤتمر ناجح يزيد من رصيد الدولة المصرية على الساحة العالمية، وهو ما ينسف خطاب الجماعة التي طالما روجت أن النظام معزول، لهذا تتحول كل مناسبة وطنية إلى خطرٍ وجودي بالنسبة لهم.
**بين حضارة الأجداد ومؤامرة الإخوان
لن يكون افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد احتفال بالآثار، بل هو إعلان رمزي بأن مصر التي بنت الأهرامات ما زالت قادرة على بناء المستقبل.
وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض القوى الدولية والإقليمية إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على أسس مذهبية وعرقية، تصر مصر على أن تبقى نموذج الدولة الوطنية الجامعة، وهنا تحديدا يكمن جوهر الصراع بين مصر والإخوان، فمصر تؤمن بالوطن والمواطنة، بينما الإخوان يؤمنون بالتنظيم والخلافة، ومصر تعيد بناء مؤسساتها بعد الفوضى في 2011، فيما تسعى جماعة الإخوان الإرهابية لإحياء الفوضى ذاتها عبر الإعلام والتحريض، لذلك فإن كل مشروع وطني مصري من قناة السويس الجديدة إلى العاصمة الإدارية والمتحف الكبير يمثل بالنسبة للجماعة ضربة قاتلة في قلب مشروعها الذي بني على وهم إسقاط الدولة.
**مصر.. طائر العنقاء الذي لا يموت
رغم ما مرت به من تحديات خلال العقد الأخير، تثبت مصر في كل مرة أنها قادرة على النهوض من تحت الرماد كما يقول الدكتور حسام الغمري: "في ظل هذا الركام المنتشر والحرائق في المنطقة، تطل مصر كطائر العنقاء الذي بعث من تحت الرماد، لتقول إنها عصية على التشظي والانكسار، وإنها تستمد قوتها من حضارة عمرها سبعة آلاف عام".
 لم تترجم هذه الرسالة فقط في احتفال مهيب، بل في مشروع وطني شامل يعيد بناء الإنسان المصري، ولعل أهم ما يميز حفل المتحف أنه سيعيد للمصريين إحساسهم بالفخر، فالأب يرى في ابنته التي ترفع علم مصر مستقبلا آمنا، والشاب الذي سيشاهد الحدث على شاشته سيشعر بأنه جزء من دولة تصنع التاريخ لا تتفرج عليه،
وهذا ما تكرهه الجماعة، فهي لا تريد أن يرى المصري نفسه قويا، متصالحا مع تاريخه، مؤمنا بدولته، رافضا للوصاية باسم الدين، أو السياسة.















 
                
            
0 تعليق