وقف الخلق ينظرون جميعاً.. كيف أبني قواعد المجد وحدي.. في قلب الجيزة وعلى بعد خطوات من أهرامات مصر الخالدة، يولد صرحاً يُعيد كتابة التاريخ من جديد، إنه «المتحف المصري الكبير»، أضخم متحف أثري على وجه الأرض، تحفة معمارية مذهلة تمتد على مساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، وبتكلفة تخطت المليار دولار.
يضم المتحف الكبير أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من كنوز مصر القديمة تتلألأ تحت سقف واحد، ولكن قلب الأسطورة الحقيقي هو: «الملك توت عنخ آمون»، مجموعة أسطورية تضم 5340 قطعة ذهبية تُعرض للمرة الأولى كاملة منذ اكتشاف المقبرة سنة 1922م، وعند المدخل يستقبلك الملك رمسيس الثاني شامخًا بوزن يفوق 88 طنًا.
وراء الكواليس تعمل أيادٍ مصرية في أكبر مركز ترميم في الشرق الأوسط، يضم أكثر من 20 معملًا متطورًا، وتستخدم فيها تقنيات الأشعة والليزر لحماية أثارًا صمدت في وجه الزمن والرياح! حتى اليوم تم نقل 59 ألف قطعة أثرية إلى المتحف، وتم ترميم 50 ألف قطعة أخرى، جهد ضخم يُعيد الحياة إلى أثارًا نطقت بالمجد.
وفي قلب المتحف تمتد 12 قاعة عرض ضخمة تأخذك في رحلة عبر الزمن، كل جدار، كل ممر، كل حجر يحكي قصة حضارة عمرها أكثر من 7000 عام، من فجر ما قبل الأسرات وحتى بزوغ العصر اليوناني الروماني، كل قاعة صُممت بزوايا هندسية عبقرية تجعل أهرامات الجيزة تلوح من خلف الزجاج في مشهد يخطف الأنفاس! وكأن الحاضر يميد يده ليصافح الماضي.
وما هي إلا سويعات ويقف العالم بأسره أمام وسائل الإعلام المختلفة يتابع بشغف إفتتاح «المتحف الكبير» هدية مصر للعالم وللإنسانية، في حدث هو الأضخم عالميًا، حدث يذكرنا بإفتتاح قناة السويس وعشرات الملوك والرؤساء في ضيافة أم الدنيا يشهدون على ما تقدمه المحروسة للعالم من حضارة وفن وعلوم، حدث يؤكد ويعزز مقولة أن التاريخ كُتب على ضفاف النيل وأن من صنع حضارة الأمس قادر على صنع حضارة اليوم والغد.
فإذا كانت كل دولة من دول العالم تفخر بوجود متحف كبير لها مثل اللوفر في باريس، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف المتروبوليتان في نيويورك، ومتحف ديل برادون في مدريد، فإن مصر تفخر بتاج من المتاحف المتنوعة أصبح درته المتحف الكبير الذي يتفوق على كل متاحف العالم شكلًا ومضمونًا وتنوعًا، شاهد على حضارة امتدت لآلاف السنين، أكبر متحف في العالم يضم حضارة واحدة هي حضارة القدماء المصريين التي أبهرت ومازالت تبهر العالم كله بأسرارها وفنونها.
هذا المتحف الذي كان نسيًا منسيًا في عام جماعة الشيطان «الإخوان»، لم يضعوا فيه حجراً مجرد بناء لم يكتمل ولن يكتمل في عهدهم، لأنهم كارهون للحضارات المصرية المختلفة لا يرون فيها إلا تعبيرًا عن أشكال وثنية، على حد قولهم، حتى إن مؤسسهم حسن البنا كان يرفض الهوية المصرية قبل الإسلام وأي حديث عن الهوية المصرية بحضاراتها القديمة، كان يقول «إنها تقوقع مصر وشعبها على نفسها وتقطيع صلاتها حتى الإنسانية بالروابط العربية والإسلامية»، أي إنه يرفض الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية.
وقد خرج عشرات من دعاة الجماعة الإرهابية «الإخوان» في فترات متعاقبة يحاولون التفريق ما بين ما هو وثني وما هو إرث تاريخي، وانحرف البعض إلى دعوات بهدم الآثار كما فعلت حركة طالبان بتمثالي «بوذا»، وإن كانت هذه رؤيتهم للآثار والتاريخ المصري فدعونا نبحث عن ما فعله الإخوان المنافقون في العام الأسود الذي تولوا فيه الحكم وما تلاه في الآثار والمتاحف.
في عام الجماعة الإرهابية خرج علينا د. المرسي حجازي، وزير المالية في حكومة هشام قنديل، بمشروع تأجير الآثار لصالح دول أجنبية، وراحوا يروّجون للمشروع في وسائل الإعلام المختلفة، ورفضته وزارة الآثار وخرجت ببيان فحواه «آثار مصر ملك الشعب ولا يمكن العبث به»، ولن أتحدث عن دستور 2012 الذي تجاهل الآثار المصرية وعاملها معاملة المورد الطبيعي مثل البحار والمحميات الطبيعية.
لكن سأتوقف أمام بعض جرائمهم في حق المتاحف والآثار المصرية في عجالة كجامعة «أون» الأثرية بالمطرية، أقدم جامعة عرفتها البشرية التي حوّلوها لسوق أغنام تحت اسم «البورصة الدولية للأغنام» وتحويل عاصمة أخناتون بتل العمارنة إلى «زرائب»، وتدمير معبد سرابيط الخادم بسيناء وطمس نقوشه، وما قاموا به في متحف المركبات الملكية في بولاق أبوالعلا من تشويه مدخله بالباعة الجائلين، وللعلم تم تطويره الآن.
وعندما ثار الشعب عليهم في 30 يونيو وما أعقبها من فض اعتصام رابعة قاموا بأبشع الجرائم في حق الآثار، فقام أنصار جماعة الشيطان بسرقة وتدمير متحف ملوي بالمنيا الذي يضم أثارًا «فرعونية وإغريقية ورومانية وقبطية»، حيث تعرض المتحف للنهب وتحطيم واجهته، وسرقة 1043 قطعة أثرية، وكسروا 46 قطعة متبقية فيه، وفي يناير 2014 تم تفجير مديرية أمن القاهرة المقابلة لمتحف الفن الإسلامي مما أدى إلى تدمير واجهة المتحف وعدد كبير من القطع الأثرية وتعرضت 74 قطعة للتلف الكامل وتفككت 26 قطعة أخرى.
هكذا تعامل الإخوان المنافقون مع الآثار وحضارة الأجداد، وما زالوا حتى الآن على قنواتهم ومواقعهم يحاولون النيل من المتحف الكبير ويهاجمون الافتتاح وتشويه الحدث التاريخي بكل الوسائل.. ما رماني رامٍ وراح سليمًا.. من قديمٍ عناية الله جندي.. حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وجيشًا وقيادة.
ياسر حمدي يكتب: المتحف المصري الكبير.. وجماعة «الإخوان» كارهو الحضارة!
 
            
    		ياسر حمدي يكتب: المتحف المصري الكبير.. وجماعة «الإخوان» كارهو الحضارة!


















 
                
            
0 تعليق