23 عامًا من الإبداع.. قصة بناء المتحف المصري الكبير خطوة بخطوة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على مساحة تمتد إلى 117 فدانًا بإطلالة مهيبة على أهرامات الجيزة، يقف المتحف المصري الكبير شاهدًا على 23 عامًا من العمل والإنجاز، منذ أن كانت الفكرة حلمًا في تسعينيات القرن الماضي، وحتى تحوّلت اليوم إلى أكبر صرح أثري في العالم يروي قصة الحضارة المصرية القديمة بأدق تفاصيلها.

قصة بناء المتحف المصري الكبير.. 23 عامًا من الحلم حتى الافتتاح

وساعات تفصلنا عن  المتحف الذي يُعد أحد أهم المشاريع الثقافية في القرن الحادي والعشرين، حيث يجمع بين العمارة الحديثة والهوية المصرية الأصيلة، ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تمتد من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، من بينها كنوز الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922.

يضم المتحف الدرج العظيم الذي تصطف عليه تماثيل ملوك مصر العظام بوزن يتجاوز 35 طنًا للتمثال الواحد، فيما يستقبل الزائرين تمثال رمسيس الثاني في بهو المدخل، تسبقه المسلة المعلقة التي تتصدر ساحة المتحف في مشهد مهيب يربط الماضي بالحاضر.

البداية: فكرة تحولت إلى مشروع وطني (2002 – 2005)

في فبراير 2002، وضع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك حجر الأساس للمتحف المصري الكبير، ليبدأ أول فصول الحلم المصري الذي طال انتظاره، وأطلقت الدولة المصرية في العام نفسه مسابقة معمارية دولية تحت إشراف اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين لاختيار أفضل تصميم.

وفي يونيو 2003 فاز التصميم المقدم من المكتب الأيرلندي Heneghan Peng Architects، والذي استلهم فكرة أن تشكل أشعة الشمس المنعكسة من قمم الأهرامات الثلاثة محورًا بصريًا يربط المتحف بالموقع الأثري الأقدم في التاريخ. ومن منظور رأسي، بدا المتحف وكأنه الهرم الرابع في الجيزة.

بدأت بعد ذلك عمليات التمهيد وإزالة العوائق الطبيعية، واستمرت حتى عام 2005 حين انطلقت أعمال الإنشاء الفعلية بتمويل من هيئة التعاون الدولي اليابانية عبر قرض تنموي.

مرحلة البناء والتأسيس (2006 – 2010)

في عام 2006، بدأ إنشاء مركز ترميم الآثار، الذي يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، بهدف ترميم وصيانة القطع الأثرية التي ستُعرض داخل المتحف.
وفي يونيو 2010، افتتحت سوزان مبارك مركز الترميم ومحطتي الطاقة والإطفاء، معلنة الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية للمشروع.

توقف مؤقت واستئناف قوي (2011 – 2016)

توقّف العمل بالمتحف عقب ثورة 25 يناير 2011، قبل أن يعيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إحياء المشروع عام 2014، بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإدارة التنفيذ والإشراف الفني.

وفي عام 2016، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء هيئة المتحف المصري الكبير لتنظيم العمل، تلاه القانون رقم 9 لعام 2020 الذي أعاد تنظيم الهيئة لتصبح هيئة عامة اقتصادية تتبع وزارة السياحة والآثار، ويتمتع مجلس أمنائها برئاسة الرئيس السيسي وعضوية شخصيات دولية وخبراء مصريين.

نقل رمسيس الثاني وتطور مراحل التنفيذ (2018 – 2021)

في يناير 2018، تم نقل تمثال رمسيس الثاني إلى موقع المتحف الجديد في مشهد عالمي شهده ملايين المصريين. وفي 2021 اكتملت أعمال التشييد على مساحة 500 ألف متر مربع، تضمنت القاعات الكبرى، ومتحف الطفل، ومبنى مراكب الشمس، وأنظمة التأمين والتذاكر ومناطق الخدمات والمطاعم.

وفي العام نفسه، تم توقيع عقد تشغيل خدمات الزائرين مع تحالف حسن علام الذي يضم شركات مصرية ودولية متخصصة في التسويق والضيافة والجودة.

مرحلة التشغيل والتجهيز النهائي (2022 – 2025)

بحلول عام 2022، تجاوزت نسبة الإنجاز 95%، وتم البدء في تجهيز القاعات الداخلية بنقل وتوزيع الآثار وفق أحدث نظم العرض المتحفي.
وفي أكتوبر 2024 بدأ التشغيل التجريبي للمتحف، تمهيدًا للافتتاح الرسمي الذي كان مقررًا في يوليو 2025، لكن الأحداث الإقليمية أرجأت الحفل إلى الأول من نوفمبر 2025، حيث تستعد مصر لاستقبال قادة العالم في افتتاح يوصف بأنه حدث ثقافي عالمي فريد.

المتحف.. أكثر من صرح أثري

يقول المهندس أيمن هيكل، مدير مشروع المتحف، إن تصميم المتحف راعى الدمج بين الأثر والتجربة الإنسانية، بحيث يجد الزائر مكانًا للمعرفة والترفيه في آن واحد.
ويضيف: "المتحف ليس مجرد مبنى أثري، بل مشروع اجتماعي وثقافي شامل، يضم مكتبات، قاعات مؤتمرات، ومراكز أبحاث ومطاعم ومناطق ترفيهية".

وتشير المهندسة منة هيكل، منسقة العرض المتحفي، إلى أن ما يميز المتحف المصري الكبير هو أنه "مخصص لحضارة واحدة فقط"، وتوضح أن قاعات العرض البالغ عددها 12 قاعة رئيسية تحكي قصة تطور مصر القديمة منذ فجر التاريخ حتى نهاية العصور الكلاسيكية، باستخدام شاشات تفاعلية وتقنيات عرض رقمية متقدمة.

23 محطة صنعت مجد المتحف الكبير

منذ وضع حجر الأساس في 2002 حتى التشغيل التجريبي في 2024، مر المشروع بـ 23 محطة رئيسية، أبرزها:

  • 2002: إعلان الفكرة ووضع حجر الأساس.
  • 2003: فوز التصميم الأيرلندي.
  • 2005: بدء أعمال الإنشاء.
  • 2006: إنشاء مركز الترميم.
  • 2010: افتتاح المركز.
  • 2011: توقف المشروع.
  • 2014: استئناف العمل.
  • 2016: إنشاء هيئة المتحف.
  • 2018: نقل تمثال رمسيس الثاني.
  • 2021: اكتمال البناء.
  • 2024: التشغيل التجريبي.
  • 2025: الافتتاح الرسمي في الأول من نوفمبر.

صرح عالمي بحجم الحضارة

تجاوزت التكلفة الإجمالية للمتحف مليار دولار، بتمويل مصري جزئي ودعم ياباني، ويُتوقع أن يستقبل المتحف بعد افتتاحه أكثر من 6 ملايين زائر سنويًا، ليصبح مركزًا عالميًا للثقافة والسياحة والتعليم.

ومع اقتراب ساعة الافتتاح الرسمي، يدخل المتحف المصري الكبير عامه الثالث والعشرين، حاملًا معه قصة وطن استطاع أن يحول فكرة من تسعينيات القرن الماضي إلى واقع يليق بتاريخ يمتد لأكثر من سبعة آلاف عام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق