في مثل هذا اليوم.. عبد الناصر يحل جماعة الإخوان بعد محاولة اغتياله

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم من عام 1954، اتخذ مجلس قيادة الثورة المصرية برئاسة جمال عبد الناصر قرارًا تاريخيًا بحل جماعة الإخوان المسلمين، بعد محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الزعيم الراحل أثناء إلقائه خطابًا في ميدان المنشية بالإسكندرية، فيما عرف لاحقًا باسم حادثة المنشية.

جاء القرار بعد تصاعد التوتر بين عبد الناصر والتنظيم، إثر رفضه محاولات الجماعة فرض وصايتها على ثورة يوليو باسم "الشريعة الإسلامية"، ومحاولتها التدخل في مسار الدولة الجديدة التي كانت تسعى إلى ترسيخ العدالة الاجتماعية وبناء مؤسسات وطنية مستقلة عن نفوذ الجماعات السياسية والدينية.

eb8544cb9c.jpg

وكانت جماعة الإخوان في ذلك الوقت التنظيم الوحيد الذي لم يحل عقب ثورة 23 يوليو، إذ أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا بحل جميع الأحزاب السياسية، مستثنيًا الجماعة التي قدمت نفسها كـ"حركة دينية دعوية". لكن سرعان ما انكشفت نواياها السياسية حين تورطت عناصرها في محاولة اغتيال عبد الناصر في 26 أكتوبر 1954، أثناء إلقائه خطابه بالإسكندرية، ليصدر بعد ذلك القرار النهائي بحلها واعتقال عدد كبير من قياداتها.

028a0e74bd.jpg

ورغم محاولات الجماعة إنكار الحادثة، فإن عددًا من رموزها التاريخيين أقروا بمسؤولية التنظيم عنها، أبرزهم يوسف القرضاوي، الذي أكد في أحد لقاءاته أن منفذ العملية هنداوي دوير ومجموعته من التنظيم السري هم من خططوا لها ونفذوها.

لم تكن حادثة المنشية هي الأولى في سجل العنف لدى الإخوان، فالجماعة عرفت منذ نشأتها بتبني أسلوب الاغتيالات السياسية كوسيلة للتخلص من خصومها، ومن أبرز تلك الحوادث اغتيال محمود فهمي النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر عام 1948، على يد أحد أعضاء التنظيم الخاص للجماعة، بعد قراره بحلها في أعقاب ما عرف بـ"حادث السيارة الجيب"، الذي كشف عن وجود تنظيم مسلح سري للإخوان داخل البلاد.

1b739f03eb.jpg

وقد روى القيادي الإخواني السابق أحمد عادل كمال في كتابه الشهير "النقط فوق الحروف" تفاصيل اغتيال النقراشي باشا، موضحًا أن القرار بحل الجماعة في ديسمبر 1948 كان السبب المباشر وراء الجريمة، إذ أطلق أحد أعضاء التنظيم الخاص ويدعى عبد المجيد أحمد حسن النار عليه داخل وزارة الداخلية، مدعيًا أن النقراشي خان قضية فلسطين ووحدة مصر والسودان، واعتدى على الإسلام بحل الإخوان.

وأشار كمال إلى أن النقراشي كان يدرك أنه مستهدف بعد قراره، فاتخذ إجراءات أمنية مشددة وغير مواعيده ومسارات تحركاته، لكن التنظيم الخاص نجح في تتبعه وتنفيذ العملية داخل مبنى الوزارة نفسه.

946.webp

ويكشف كمال في مذكراته أيضًا عن بدايات انخراطه في الجماعة عام 1942 خلال فترة دراسته الثانوية، متأثرًا بشخصية حسن البنا مؤسس الجماعة، الذي استطاع تحويله – كما يقول – من شاب عادي إلى عنصر مندمج في مجتمع سري يجمع بين العمل السياسي والدعوي والعمليات الخاصة.

وتظهر تلك الاعترافات كيف نشأت فكرة "التنظيم الخاص" ككيان سري داخل الجماعة، يتولى تنفيذ الاغتيالات والتخريب تحت ستار الدين، وهو ما شكل لاحقًا المبرر الأقوى لقرارات الدولة المصرية المتكررة بحل الجماعة وملاحقة عناصرها منذ الأربعينيات وحتى اليوم.

947.webp

لقد كان قرار عبد الناصر في عام 1954 بحل الجماعة تحولًا حاسمًا في مسار الدولة المصرية الحديثة، التي اختارت آنذاك أن تنحاز إلى مشروع وطني يقوم على بناء مؤسسات الدولة المدنية، ورفض هيمنة التنظيمات الدينية على القرار السياسي، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الصراع بين الدولة والإخوان استمرت لعقود طويلة، عنوانها الدائم: مصر لا تحكم من وراء ستار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق